للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالبُخَارِيُّ مُسْتَشْهِدَاً، فَهَذَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ فَتُقْبَلُ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيهِمَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ وَيَحْيَى بنُ العَلَاءِ. وَأَمَّا أَبُو خَالِدٍ فَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ الجَمَاعَةُ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ هَذَا الحَدِيثَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ ابنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَقَدْ تَابَعَ ابْنَ سَعْدٍ هَذَا أَبُو خَالِدٍ، وَتَابَعَهُ أَيضَاً إِسْمَاعِيلُ بنُ أَبَّانَ … ، وَقَدْ صَحَّحَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه-، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ -رضي الله عنه-» (١).

وكذلكَ إذَا كانَ الرُّواةُ الذينَ لمْ يأتُوا بالزِّيادةِ منَ الكثرةِ بحيثُ يبعدُ على مثلِهِمْ احتمالُ نسيانِهِمْ أو عدمُ تنبُّهِهِمْ جميعاً لهذهِ الزِّيادةِ، فإنَّ ذلكَ يُشكِّلُ قرينةً يترجَّحُ معهَا ردُّ الزِّيادةِ أو التَّوقفُ عنْ قبولِهَا. قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «الزِّيَادَةُ مَتَى تَضَمَّنَتْ مُخَالَفَةَ الأَحْفَظِ أَوْ الأَكْثَرِ عَدَدَاً، كَانَتْ مَرْدُودَةً» (٢).

ثانيَاً: الحفظُ: فإذَا كانتِ الزِّيادةُ من ثقةٍ تفرَّدَ بهَا تُقبلُ منهُ إذَا كانَ مِنَ الحفَّاظِ المبرِّزينَ (٣) قالَ مسلمٌ «ت ٢٦١ هـ»: «وَالزِّيَادَةُ فِي الأَخْبَارِ لَا تُلْزَمُ إِلَّا عَنِ الحُفَّاظِ الذِينَ لَمْ يُعْثُرْ عَلَيهِمُ الوَهْمُ فِي حِفْظِهِمْ» (٤). منْ ذلكَ: حديثُ سهلِ بنِ سعدٍ -رضي الله عنه-، أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ لبلالٍ -رضي الله عنه-: «إِذَا حَضَرَتْ صَلَاةُ العَصْرِ وَلَمْ آَتِكَ، فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ».


(١) عمدة القاري ٦/ ١٥.
(٢) النكت لابن حجر ٢/ ٦٨٨، وسيأتي الكلام عليه في مبحث أثر السبر في معرفة الشاذ في المتن الآتي.
(٣) وهذا هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل في قبول الزيادة، خلافاً لمن قال بأن الإمام أحمد يقبل الزيادة مطلقاً، معتمدين على كلام أحمد بن حنبل في حديث فوات الحج، حيث جاء في الرواية الأولى: القضاء فقط، وفي الثانية: زيادة الدم، فقال ابن حنبل: «والزائد أولى أن يؤخذ». وانظر كلام ابن رجب ورده على هذا الاستدلال في شرحه لعلل الترمذي ١/ ٢١٢.
(٤) التمييز ص ١٨٩.

<<  <   >  >>