للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ البيهقيُّ «ت ٤٥٨ هـ»: «وَالذِينَ قَالُوا: «فَأَتِمُّوا» أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ وَأَلْزَمُ لِأَبِي هُرَيرَةَ -رضي الله عنه- فَهُوَ أَولَى» (١).

ثانياً: الأضبطُ أو أنْ يكونَ الرَّاوي ممَّنْ لا يرى الرِّوايةَ بالمعنى: فتُرجَّحُ روايتُهُمَا على روايةِ مَنْ هوَ أقلُّ ضبطَاً، أو كانَ ممَّنْ يرى الرِّوايةَ بالمعنى، قالَ ابنُ عونٍ (٢) «ت ١٥١ هـ»: «كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ يَاتُونَ بِالحَدِيثِ عَلَى المَعَانِي، وَكَانَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ ابنُ سِيرِينَ وَرَجَاءُ بنُ حَيَوَةَ يُقَيِّدُونَ الحَدِيثَ عَلَى حُرُوفِهِ» (٣)، وقدْ نقلَ الأبناسيُّ «ت ٨٠٢ هـ» عَنِ الحازميِّ في كتابِهِ «الاعتبارُ في النَّاسخِ والمنسوخِ» هذَا الوجهَ مِنْ وجوهِ التَّرجيحِ، فقالَ: «العِشْرُونَ: كَونُ رَاوِيهِ لَا يُجِيزُ الرِّوَايَةَ بِالمَعْنَى» (٤). وقالَ الصَّنعانيُّ «ت ١١٨٢ هـ» في بيانِ وجوهِ التَّرجيحِ: «أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَينِ لَا يُجِيزُ الرِّوَايَةَ بِالمَعْنَى، فَإِنَّ رِوَايَتَهُ أَرْجَحُ» (٥).

مثالُ ذلكَ حديثُ أبي هُريرةَ -رضي الله عنه- في كفَّارةِ الإفطارِ في رمضانَ، فقدِ اختُلِفَ على الزُّهريِّ في روايتِهِ، فروى بعضُ الرُّواةِ الكفَّاراتِ «العتقَ أو الصِّيامَ أو الإطعامَ» على التَّخييرِ، ورواهَا غيرُهُمْ على التَّرتيبِ، قالَ البيهقيُّ «ت ٤٥٨ هـ»: «وَرِوَايَةُ الجَمَاعَةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُقَيَّدَةٌ بِالوَطْءِ، نَاقِلَةٌ لِلَفْظِ صَاحِبِ الشَّرْعِ، أَولَى بِالقَبُولِ لِزِيَادَةِ حِفْظِهِمْ،


(١) سنن البيهقي ٢/ ٢٩٨.
(٢) عبد الله بن عون بن أرطبان، المزني، البصري، « … - ١٥١ هـ»، من حفاظ الحديث. تذكرة الحفاظ ١/ ١٥٦.
(٣) انظر العلل للترمذي ص ٧٤٦.
(٤) الشذا الفياح ٢/ ٤٧٣.
(٥) توضيح الأفكار ٢/ ٢٣١.

<<  <   >  >>