أولاً: تنصيصُ العلماءِ: ممنْ خَبَرَ حالَ الرُّواةِ وعاصرهُمْ، وهذا لا بدَّ فيهِ من الإدراكِ والمعاصرةِ.
ثانياً: جمعُ أقوالِ أئمَّةِ الجرحِ والتَّعديلِ، والموازنَةُ بينهَا، وهذَا عملُ المتأخِّرينَ كالذَّهبيِّ وابنِ حجرٍ وغيرهِمَا.
ثالثاً: سَبْرُ حَدِيثِهِ ومقارنَتُهُ معَ أحاديثِ الثِّقاتِ، وهو المقصودُ من بحثنَا هذَا.
لمْ يقتصِرْ منهجُ المتقدِّمينَ في الحكمِ على الرِّجالِ على التَّنصيصِ، وإنَّما كانَ جُلُّ اعتمادهِمْ في الحكمِ على الرَّاوي أو لَهُ، والاعتدادُ بمرويَّاتِهِ أو طرحُهَا، هو سَبرُ حديثهِ ومقارنتُهُ معَ أحاديثِ الثِّقاتِ، والحكمُ على الرِّجالِ منْ خلالِ السَّبرِ فرعٌ عنِ الاعتبارِ بمرويَّاتِهِ، لأنَّهم يوَثِّقُونَ من عُرِفَ بالعدالَةِ وكانتْ جُلُّ أحاديثِهِ مستقيمةً، حتى يغلبَ على الظنِّ أن الاستقامةَ مَلَكَةٌ لذلكَ الرَّاوي، وغالبُ أحكامِ الأئمَّةِ على الرُّواةِ مبنيَّةٌ على السَّبرِ، حتَّى فيمنْ عاصروهُم، وشهدُوا على دينهِمْ واستقامتهِم، قال مسلم «ت ٢٦١ هـ»: «فَبِجَمْعِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَمُقَابَلَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ … تَتَبَيَّنُ رُوَاةُ ضِعَافِ الأَخْبَارِ مِنْ أَضْدَادِهِمْ مِنَ الحُفَّاظِ، وَلِذَلِكَ أَضْعَفُ أَهْلِ المَعْرِفَةِ بِالحَدِيثِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي خَثْعَمٍ وَأَشْبَاهِهِ مِنْ نَقَلَةِ الأَخْبَارِ، لِرِوَايَتِهِمُ الأَحَادِيثَ المُسْتَنْكَرَةَ التِي تُخَالِفُ رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ المَعْرُوفِينَ مِنَ الحُفَّاظِ» (١).
(١) التمييز ١/ ٢٠٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute