للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَالَتْ: «رَحِمَ اللهُ عُمَرَ، واللهِ مَا حَدَّثَ رسولُ اللِه -صلى الله عليه وسلم- أنَّ اللهَ يُعذِّبُ المؤمنينَ ببكاءِ أحدٍ، ولكنْ قالَ: «إِنَّ اللهَ يَزِيدُ الكَافِرَ عَذَابَاً بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيهِ». وقالتْ: حسبكُمُ القرآنُ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}» (١).

وقدْ جمعَ الزَّركشيُّ «ت ٧٩٤ هـ» كتاباً أسماه «الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة -رضي الله عنه- على الصحابة» (٢).

فهذَا نقدٌ بَيِّنٌ لِمتونِ الأحاديثِ، منْ خلالِ عرضِهَا على كتابِ اللهِ -سبحانه وتعالى-. والإِسْنَادُ أتى مُتأخِّرَاً عن ذلكَ أيَّامَ الفتنةِ، كمَا أشارَ لذلكَ ابنُ سيرينَ (٣).

وكذلكَ كانَ دأبُ ومنهجُ المحدّثينَ منَ التَّابعينَ وتابعيهِم ومَن أتَى بعدهُم، قالَ الرَّبيعُ ابن خُثَيمٍ (٤) «ت ٦٣ هـ»: «إِنَّ مِنَ الحَدِيثِ حَدِيثَاً لَهُ ضَوءٌ كَضَوءِ النَّهَارِ نَعرِفُهُ بِهِ، وَإِنَّ مِنَ الحَدِيثِ حَدِيثَاً لَهُ ظُلمَةٌ كَظُلمَةِ الَّليلِ نَعرِفُهُ بِهَا» (٥).


(١) البخاري - كتاب الجنائز - باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- يعذب الميت ببكاء أهله - ر ١٢٢٦، ومسلم - كتاب الجنائز - باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه - ر ٩٢٩، وزاد مسلم: قالت عائشة -رضي الله عنه-: «إنكم لتحدثوني غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطئ».
(٢) حققه سعيد الأفغاني، وطبعه المكتب الإسلامي في بيروت عام ١٩٨٥ م، واختصره السيوطي في كتاب أسماه «عين الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة»، حققه عبد الله محمد درويش، طبع في مكتبة العلم في القاهرة، عام ١٩٨٨ م.
(٣) صحيح مسلم ١/ ١٥.
(٤) الربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله الثوري، أبو يزيد، كوفي، تابعي، « … - ٦٣ هـ»، روى له الجماعة، قال الشعبي: «كان من معادن الصدق». وقال ابن معين: «لا يسئل عن مثله». انظر المعرفة والتاريخ ٢/ ٣٢٦، وتذكرة الحفاظ ١/ ٥٧، ومغاني الأخيار ١/ ٣٢٣.
(٥) طبقات ابن سعد ٦/ ١٨٦.

<<  <   >  >>