كان دونه في العلم بدرجات كثيرة؛ فإن موسى -عليه السلام- مِنْ أولي العزم من المرسلين؛ الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يُعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر ما ليس عنده، فلهذا حرص على التعلم منه، فعلى هذا لا ينبغي للفقيه المحدث إذا كان قاصرًا في علم النحو أو الصرف أو نحوه من العلوم ألَّا يتعلمه ممن مَهَرَ فيه وإن لم يكن محدثًا ولا فقيهًا.
١٥ - إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى والإقرار بذلك وشكر الله عليها؛ لقوله:{تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ}، أي: مما عَلَّمك الله تعالى.
١٦ - أن العلم النافع هو العلم المُرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطريق الخير وتحذير عن طريق الشر أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع وما سوى ذلك؛ فإما أن يكون ضارًّا، أو ليس فيه فائدة؛ لقوله: {أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦)}.
١٧ - أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم وحسن الثبات على ذلك: أنه يَفوته بحسب عدم صبره كثيرٌ من العلم، فمَن لا صبر له لا يُدرك العلم، ومَن استعمل الصبر ولازمه أدرك به كل أمر سعى فيه؛ لقول الخضر -يعتذر من موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه- إنه لا يصبر معه.
١٨ - أن السبب الكبير لحصول الصبر إحاطة الإنسان علمًا وخبرةً بذلك الأمر، الذي أُمِرَ بالصبر عليه، وإلا فالذي لا يدريه أو لا يدري غايته ولا نتيجته