للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم ويرهقهم؛ فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة، بل يأخذ المتيسر؛ ليتيسر له الأمر.

٢٦ - أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتُعَلَّقُ بها الأحكام الدنيوية؛ في الأموال والدماء وغيرها، فإن موسى -عليه السلام- أنكر على الخضر خرقه السفينة وقتل الغلام، وأن هذه الأمور ظاهرها أنها من المنكر، وموسى -عليه السلام- لا يَسعه السكوت عنها في غير هذه الحال التي صحب عليها الخضر؛ فاستعجل -عليه السلام- وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض الذي يوجب عليه الصبر وعدم المبادرة إلى الإنكار.

٢٧ - القاعدة الكبيرة الجليلة، وهو أنه «يُدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير»، ويُراعى أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما؛ فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يَفتن أبويه عن دينهما أعظم شرًّا منه، وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته وإن كان يُظن أنه خير، فالخير ببقاء دين أبويه وإيمانهما خير من ذلك؛ فلذلك قتله الخضر، وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد ما لا يدخل تحت الحصر؛ فتزاحم المصالح والمفاسد كلها داخل في هذا.

٢٨ - القاعدة الكبيرة -أيضًا-: وهي أن «عمل الإنسان في مال غيره إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة: أنه يجوز ولو بلا إذن، حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير»، كما خرق الخضر السفينة لِتَعِيب؛ فتَسلم من غصب الملك الظالم. فعلى هذا لو وقع حرق أو غرق أو نحوهما

<<  <   >  >>