للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - القول بأن الزكاة أمانة في يد المسؤولين عنها حتى يسلموها إلى أهلها، وشأن الأمانة الحفظ، لا التصرف ولا الاستثمار؛ فهذا غير مسلم، لأن بعض الفقهاء أجازوا للإمام والساعي التصرف في مال الزكاة للمصلحة، إذا اقتضت ذلك ضرورة أو حاجة (١).

مناقشة أدلة القائلين بجواز الاستثمار:

١ - قياسهم جواز استثمار أموال الزكاة على ما ذكروه بأن النبي وأصحابه استثمروا إبل الصدقة وغنمها، ليس فيه دلالة على الاستثمار؛ لأن هذا ليس استثماراً، فإذا ولدت ناقة فأعطى حليبها لمرضى أو غير مرضى، أو أطعمها، أو رعاها، أو أعد خيلاً للجهاد، فإن هذا كله ليس هو الاستثمار الذي نتكلم عليه؛ لأن توزيع ما يحصل من توالد وتناسل ودر لبن أمر طبيعي وهو من المصلحة.

بل إنَّ عدم الاستفادة منه يترتب عليه ضرر بالأنعام، وإضاعة للمال وإهداره، وقد نهى النبي عن إضاعة المال في قوله : «إنَّ اللهَ كرِه لكم قيلَ وقالَ وكثرةَ السُّؤالِ وإضاعةَ المالِ» متفق عليه (٢)؛ أما جعل أموال الزكاة في مشاريع استثمارية فإن هذه المشاريع تحجز الزكاة عن أصحابها.

نعم لو ثبت أن إبل الصدقة كانت تؤخر عن التوزيع، وتحجز كي تتناسل وتتكاثر، لصح القياس على ذلك، والقول بجواز استثمار أموال الزكاة، لكن ذلك لم يحصل.


(١) حاشية الخرشي على مختصر خليل ٢/ ٢٢٣، المجموع للنووي ٦/ ١٧٨، المغني ٤/ ١٣٤.
(٢) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري ٣/ ٣٤٠، صحيح مسلم بشرحه النووي ٤/ ٣٠٧.

<<  <   >  >>