للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل العلم فيُحكم بكفره، ويكون مرتداً، وتجري عليه أحكام المرتد، لكونه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة (١).

الفرع الثاني: حكم من لم يؤدها بخلاً أو تهاوناً أو تأولاً

إن تركها المسلم بخلاً أو تهاوناً أو تأولاً، فإنه يعتبر بذلك فاسقاً، قد ارتكب كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وهو تحت مشيئة الله إن مات على ذلك؛ لقول الله سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ (النساء: ٤٨). ولا يحكم بكفره، ولذا فإن مات في قتاله عليها، ورثه المسلمون من أقاربه وصُلى عليه.

وفي رواية عن أحمد يحكم بكفره ولا يُورثْ ولا يُصلى عليه، لما روي أن أبا بكر لما قاتل مانعي الزكاة، وعضتهم الحرب قالوا: نؤديها، قال: لا أقبلها حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، ووافقه عمر. ولم ينقل إنكار ذلك عن أحدٍ من الصحابة فدّل على كفرهم (٢).

وكل مالٍ لا تُؤدى زكاته فهو كنز، يعذب به صاحبه يوم القيامة، وقد دل القرآن الكريم والسنة المتواترة على أن تارك الزكاة يعذب يوم القيامة بأمواله التي ترك زكاتها، ثم يُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. وهذا الوعيد في حق من ليس جاحداً لوجوبها. قال ﷾: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (التوبة: ٣٤) وقال رسول الله ﷺ: «ما مِنْ صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ، لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ، صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِنْ نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ


(١) المغني ٢/ ٤٧٧، الموسوعة الفقهية ٢٣/ ٢٣١، (١٤١٢ - ١٩٩٢ م).
(٢) المصدر السابق ص ٢٣١.

<<  <   >  >>