للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس

الرأي الذي توصلت إليه

لو كان الدين بالرأي لرجحت القول باستثمار جزء من أموال الزكاة بضوابط، كما قال الصحابي الجليل والخليفة الراشد علي بن أبي طالب : «لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِه»، ولذلك وبعد عرض الآراء وأدلتها، ومناقشتها، يترجح لي عدم جواز استثمار أموال الزكاة، لقوة أدلة هذا القول؛ فهي نصوص شرعية من القرآن الكريم والسنة الشريفة، آمرة بدفع الزكاة إلى مستحقيها فوراً، كما في قوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، ومبينة مصارفها وحاصرة لها فيها، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ٦٠]، لأن إنما أداة حصر، وكما في قوله : «فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ» (١).

ولأن أدلة القائلين بجواز استثمار الزكاة لم تثبت أمام المناقشة، وما أجابوا به على أدلة المانعين قد أمكن الرد عليه.

وأيضاً فإن استثمار أموال الزكاة يزيد المشكلة ولا يحلها؛ لأن الجموع الهائلة في العالم الإسلامي تنتظر لقمة العيش، فالناس يسقطون موتى من الجوع، بينما البعض يناقش ويحاور في تكديس أموال الزكاة والمتاجرة بها (٢)، فالمبادرة بإطفاء لوعة جوع الجياع، وكساء العراة، أولى من استثمار أموال الزكاة وحجبها عن مستحقيها.


(١) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري ٣/ ٢٦١.
(٢) أبحاث وأعمال الندوة الثالثة لقضايا الزكاة ص ٩٤ تعليق للدكتور عمر الأشقر.

<<  <   >  >>