للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنه يجب توزيع الزكاة على مستحقيها على الفور؛ والمراد به هنا الفورية الممكنة، ولأن استثمار الزكاة يؤدي إلى انتقال الملك من المزكي، ولا يدخل في ملك الفقراء وغيرهم من الأصناف. وفي هذه الحالة إما أن يبقى المال على ملك المزكي، أو ينتقل إلى غير مالك، ومن المعلوم أنه لا يجوز النزول عن الملك إلى غير مالك، والقول بأن مجموع الفقراء يملكون ملكاً جماعياً غير صحيح.

ولأن الحاجة إلى استثمار أموال الزكاة ليست نازلة جديدة تستوجب النظر فيها، بل إن الضرورة الملازمة لطائفة كبيرة من المسلمين، لا سيما في بعض البلدان أظهر وأبين في المبادرة بتوزيع الزكاة عليهم.

ولأن الأصل في العبادات الحظر، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله.

ومعلوم أن الشريعة مبنية على أصلين: الإخلاص لله والمتابعة لرسوله ، وهذان الأصلان شرط لصحة كل عمل شرعي ظاهر؛ كأقوال اللسان، وأعمال الجوارح، أو باطن كأعمال القلوب قال تعالى: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر: ٣]، وقال ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥]، وقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧].

فمن عمل عملاً عليه أمر الله وأمر رسوله مخلصاً فيه، فعمله مقبول وسعيه مشكور. ومن عمل عملاً ليس عليه أمر الله وأمر رسوله فعمله فاسد لا يعتد به لقول رسول الله : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» متفق عليه (١)، وفي رواية لمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (٢).


(١) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري ٥/ ٣٠١، ومسلم ٤/ ٣١٢.
(٢) صحيح مسلم ٤/ ٣١٣.

<<  <   >  >>