للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاحتجاج بعموم الحديث «لا يُجمعُ بين متفرِّقٍ ولا يُفرَّقُ بين مجتمعٍ خشيةَ الصَّدقةِ» حديث صحيح، وهو عام فيعم كل مال مختلط؛ لأن الخِلطة تقع في كثير من الأموال؛ ومنها عروض التجارة؛ ومن عروض التجارة الأسهم في شركات المساهمة، وليس هناك مخصص لهذا الحديث بالمواشي. فإن قيل هو مخصص بحديث «الخليطان ما اجتمعا على الحوض والراعي والفحل» (١). أجيب عنه بأن هذا حديث باطل كما قاله أبو حاتم الرازي (٢)، وقال النووي: حديث ضعيف (٣) فلا دليل على القول بتخصيصها في الماشية.

وقولهم: لو كان الخلط يؤثر في غير الماشية لبينه الرسول ﷺ يجاب عنه بأن تخصيصها لم يصح كما سبق بيانه، ولأن الرسول أعطي جوامع الكلم، والشريعة لا تنص على كل قضية بعينها، وإنما تأتي بألفاظ عامة تنطبق على الموجود، وعلى ما لم يوجد من القضايا المماثلة.

يؤيد هذا أن المساهم لم يُعد له حق معين، وإنما هو حق مشاع في مجموع المال؛ بدليل أنه لا يستطيع أخذ سهمه المملوك له شرعاً وسحبه من الشركة، التي تنوب عنه في إحرازه، والمتاجرة به، ودفع أرباحه، وغير ذلك من التصرفات؛ ومنها دفع زكاته، ولأن المساهم لم يعد له حق عيني على الحصة التي قدمها للشركة، ويبقى حقه قبل الشركة من طبيعة منقولة، ولو كانت حصة الشريك عقاراً (٤).

ولو قلنا تُدفع الزكاة من قبل أصحاب الأسهم لربما أدى ذلك إلى أن ترفض الشركة إعطاء أصحاب الأسهم ما يدفعون به الزكاة في وقتها، ويشح المالك فتضيع الزكاة على الفقراء.


(١) سنن الدار قطني ١/ ٢/ ٧٧.
(٢) علل الحديث ٣/ ٢١٩، لأبي حاتم.
(٣) المجموع ٥/ ٤٣١.
(٤) مجلة مجمع الفقه الإسلامي ٤/ ١/ ٧٥٨، محاضرات الدكتور محسن شفيق ص ١٥٥، دروس في القانون التجاري للدكتور أكثم الخولي ٢/ ٦٢.

<<  <   >  >>