للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحيث إن أموال الشركة المساهمة بطبيعتها تكون مختلطة، فإنه يتخرج ثبوت ملك كل شريك بقدر نصيبه في جميع الأسهم الأخرى عند المذاهب الفقهية الأربعة، وبهذا يتضح أنه يكفي بلوغ مجموع أسهم الشركة نصاباً، ولا يلزم أن تبلغ أسهم كل شريك لوحده نصاباً.

فإن قيل إن قياس الأسهم على المواشي قياس مع الفارق. أجيب عنه بأنه ليس قياساً على المواشي، لكن لأن الأسهم من عروض التجارة، وقد قال بعض الأئمة كما سبق بيانه أن الخِلطة تؤثر في عروض التجارة كخِلطة السائمة هذا من جهة، ومن جهة أخرى يحتج بهذا القول بعموم حديث: «لا يُجمعُ بين متفرِّقٍ ولا يُفرَّقُ بين مجتمعٍ خشيةَ الصَّدقةِ» رواه البخاري (١)؛ فقوله «لا يُفرَّقُ بين مجتمعٍ» عام فيشمل أسهم الشركات وليس له مخصص، فإن قيل هو مخصص بحديث «الخَلِيطانِ: ما اجْتمَعَا على الحَوضِ والفَحلِ والرَّاعي» (٢). أجيب عنه بأن هذا حديث باطل كما قال أبو حاتم الرازي (٣)، وقال النووي: حديث ضعيف (٤).

وحيث إن أسهم المساهمين في الشركة تختلط اختلاطاً يتعذر معه تمييز بعضها من بعض، فإنها تأخذ حكم المال الواحد، لأنه يصدق عليها قوله : «ولا يُفرَّقُ بين مجتمعٍ».

وأما قول من يقول قد يوجد في المساهمين من لا تبلغ أسهمه نصاباً، فقد سبقت الإجابة عليه (٥).

وبالنسبة للشخصية المعنوية للشركة، فلأنه يترتب عليها ثبوت ذمة مالية مستقلة للشركة، هذه الذمة ممثلة لذمم الشركاء؛ وبموجبها تكتسب الشركة


(١) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري ٣/ ٣١٤.
(٢) سنن الدار القطني ١/ ٢/ ٧٧.
(٣) علل الحديث، لأبي حاتم محمد بن عبدالرحمن الرازي ٣/ ٢١٩.
(٤) المجموع ٥/ ٤٣١.
(٥) ينظر: آخر المبحث الخامس من الباب الأول.

<<  <   >  >>