حديثية، فيقول:«ليست له رواية نعلمها»«١» ؛ إذ قد يجد غيره روايات لم يقف هو عليها. وقد لا يحدد ما طالع من أحاديث المترجم له، فيعبّر عن ذلك بدقة ظاهرة، فيقول:«وقد رأيت من حديثه»«٢» . وكان ابن يونس يستقصى مظانّ الحديث فى كافة مصادره، فلا يجده- أحيانا- سوى فى كتاب واحد، يقوم بتحديده «٣» . وقد يذكر المعلومة، وهو غير متيقن، فيعبّر عن ذلك بلفظة تناسب ذلك «أحسبه»«٤» .
وأخيرا، فقد كان ابن يونس لا يلحق ببعض المترجمين، وإنما يلقى من يحدّث عنه «٥» ؛ ولذلك كان يتبع الدقة والأمانة الواجبة، فلا يزعم روايته عن المترجم له.
وكذلك كان يفرق- بدقة- بين ذوى الأسماء المتشابهة، وذلك عن طريق علمه الدقيق بالأساتيذ الحديثية «٦» .
وتمتع ابن يونس بنظر ثاقب، وفكر صحيح؛ إذ كان يحسن- فى ذلك الوقت المبكر- فهم وإدراك سبل التعلّم وطرائقه. لقد كان على يقين تام بأن ذلك يقوم على عدة أسس متكاملة لا فكاك منها، وهى «الفهم، والكتابة، والحفظ، والمذاكرة»«٧» وهذا يدل على براعة الفكر التربوى لمؤرخنا ابن يونس، الذي يصلح على الدوام، وبه تستوعب العلوم، ويتم التقدم والازدهار.