فإن تتبعنا لكافة التراجم المجموعة، واستقراءنا ما فيها يمكن أن يصل بنا إلى ملاحظات ذات بال فى هذا الصدد.
بالنظر إلى بعض تراجم المصريين، وجدنا أن الترابط والتسلسل بين عناصر الترجمة غير قائم؛ ففى ترجمة «جبلة بن عمرو» الصحابى، ذكر مؤرخنا أنه صحابى شهد فتح مصر، وغزا إفريقية سنة ٥٠ هـ، ثم ذكر أن له ولدا بإفريقية، ثم عاد يحدثنا عن شهوده صفين «١» ، رغم أنها كانت قبل غزو إفريقية المذكور. وكذلك انعدم الترتيب الداخلى فى ترجمة «جعثل بن هاعان» ، إذ ذكر كنيته، وبعض أساتيذه وتلاميذه. ثم ذكر توليه منصب قاضى الجند لهشام بإفريقية، ثم ارتد إلى الوراء زمنيا، وعاد إلى عهد عمر بن عبد العزيز لما كان أحد العشرة المرسلين؛ لتفقيه أهل إفريقية، ثم ذكر عهد هشام ثانية، وأنه كانت له وفادة عليه. وأخيرا، ذكر وفاة المترجم له بتعبير غير دقيق «٢» .
ويمكن مراجعة المزيد من التراجم المتصفة باضطراب التنسيق الداخلى بالعودة إلى «تاريخ المصريين» لابن يونس «٣» .
وتوجد بعض التراجم التى استوفى فيها مؤرخنا عناصر تراجمه، وعرضت بطريقة منسقة مرتبة، كما هو الحال فى ترجمة «سليم بن عتر»«٤» ، و «عبد الله بن لهيعة»«٥» فى «تاريخ المصريين» . وترجمة «قرة بن شريك» المنقولة إلينا بتمامها «٦» ، وكذلك ترجمة «محمد بن أحمد بن جعفر بن الحسن»«٧» فى «تاريخ الغرباء» .
* رابعا- التراجم بين القصر والطول، والسطحية والعمق:
بادئ بدء أذكّر بأن دراسة هذا الملمح المنهجى يتم وفقا لما تم تجميعه من مادة الكتابين