جلس إلى الشافعى، وسمع منه، وكتب عنه حكايات» «١» . وكذلك قوله:«كان قد ثار بصعيد مصر.... ودخل الواح، وغزا مصر، وقتل بمصر ... »«٢» .
ومما استخدمه مؤرخنا فى تراجمه الاستشهاد ببعض الأشعار المهمة المعبّرة عن الحدث التاريخى، المعمّقة له، الدالّة على صدقه. ولعل الأبيات الى أوردها للمرأة الثكلى، التى ذبح ولداها أمام عينيها على يد «بسر بن أبى أرطاة»«٣» كانت معبرة كأحسن ما يكون التعبير، ومؤثرة أشد ما يكون التأثير فى وصف الحدث الفظيع، ونتائجه، بحيث يصب القارئ جام غضبه وسخطه على صاحب الفعلة الشنعاء، الذي تجرد من كل معانى الرحمة والإنسانية. واستخدم الشعر- أيضا- كوثيقة فخار، تسجل تطوع أحد المترجمين بداره؛ لتوسيع المسجد الجامع وزيادته «٤» ، وتسجل شهامة أحد الجيران وشجاعته فى مواجهة جرائم بسر، ودفاعه عن الطفلين الصغيرين، حتى لقى حتفه «٥» .
ووردت بعض الأشعار فى «تاريخ الغرباء» معبرة عن وجهة نظر أحد الشعراء فى عزل «عبد الله بن عبد الملك» والى مصر فى عهد «الوليد» ، وتولية «قرة بن شريك» مكانه «٦» . ويضاف- إلى ذلك- إيراد بيت شعر قاله الشاعر ابن العتاهية؛ لبيان صلة المترجم له بهذا الشاعر، بما يتلاءم مع الظروف التى قيل فيها «٧» .
ننتقل- الآن- إلى قضية «الترابط والترتيب الداخلى، والتناسق بين عناصر الترجمة» والحقيقة أن هذا الموضوع عسير مطلبه؛ نظرا لفقدنا كتابى ابن يونس، واعتمادنا على بقايا بعض تراجمهما الواردة فى المصادر المتأخرة. وهذه- غالبا- تخضع لمقتبسات أصحاب هذه المصادر، وهؤلاء يقدمون ويؤخرون فى النصوص، ويتمون ويحذفون.
ومن الصعب جدا أن نجد ترجمة كاملة منقولة بتمامها كما وردت لدى ابن يونس، حتى نؤسس- بناء على ما ورد فيها- دراسة هذه القضية، بل إننا نحتاج إلى تراجم كثيرة تسير على هذا المنوال؛ حتى نطمئن إلى أن ذلك منهج مؤرخنا بالفعل. وعلى أيّة حال،