من خلال مطالعة الكثير من المصادر- مطبوعة، ومخطوطة- تبين لنا أن النصوص المتبقية من كتابى مؤرخنا «ابن يونس» كثيرة؛ ولذلك كان السؤال الذي يطرح نفسه بكل قوة: كيف وصلت إلينا بعد كل هاتيك القرون هذه النصوص الغزيرة؟ والجواب: على يد عدد من تلاميذ ابن يونس، الذين رووا كتابيه، وحصلوا على نسخ مكتوبة منهما، ثم توالى النسخ على يد كتّاب ونسّاخ أثبات ثقات، أسهموا فى انتشار هذين المؤلّفين عبر القرون المتلاحقة، إلى جانب حرص عدد من أبرز العلماء المحدّثين المؤرخين- سواء كانوا مصريين، أم غير مصريين- على الاحتفاظ بنسخ خاصة بهم من هذين الكتابين، حيث قاموا بالاقتباس منهما فى مؤلفاته المختلفة، وقد قدم لنا هؤلاء العلماء- من حيث لا يدرون- خدمة جليلة، عندما غدت هذه المقتبسات هى كل ما تبقى فى عصرنا الحالى من إنتاج «ابن يونس» التاريخى بعد فقد أصوله.
[والآن مع التعريف بأهم هؤلاء التلاميذ، وإبراز جهودهم فى نقل كتابى مؤرخنا إلينا:]
١- ابن مسرور:
هو أبو الفتح عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن مسرور البلخىّ، نزيل مصر. حدث عن أبى بكر أحمد بن سليمان بن زبّان، وعبد الله بن أحمد الفرغانى «١» ، وأبى سعيد بن يونس، وغيرهم. روى عنه عبد الغنى بن سعيد، وأحمد ابن عمر بن سعيد بن قديد، ومحمد بن عبد الرحمن الأزدى، وآخرون «٢» . كان حافظا مكثرا «٣» ، أقام بمصر مدة «٤» ، وكان له كتاب فى «التراجم» ، طالع نسخته المكتوبة بخط المؤلف، ونقل عنها الخطيب البغدادى «٥» . توفى فى سلخ ذى الحجة سنة ٣٧٨ هـ، بعد