المفقودين. وعلى كل، فإن الطابع الغالب على تراجم ابن يونس فيهما هو طابع الإيجاز والقصر، لكن هذا لا يمنع من تصنيف التراجم- بعد قراءتها، وتأملها، والوقوف على تنوعها وتمايزها- على النحو الآتى:
أ- تراجم مطوّلة: وهذه نادر جدا فى كتابى ابن يونس. وقد لاحظت- مثلا- أن ثلاثا من أكبر تراجم كتاب «تاريخ المصريين» ترتبط ارتباطا وثيقا برواية الغرائب، وكأن هذا النوع من الروايات العجيبة كان يستهوى ابن يونس، ولا يزال له طلّابه فى القرن الرابع الهجرى. فالترجمة الأولى ترتبط بفظائع ومذابح بسر بن أبى أرطاة فى المدينة واليمن، وردود أفعاله تلك، ونهايته المفجعة مصابا بالجنون «١» . والترجمة الثانية تدور حول رؤيا رآها غلام «أحد الخشّابين» ، وتفسير مفسّر الرؤى- صاحب الترجمة- الحسن ابن محمد بن أحمد العسّال لها، وذكر تفاصيل ووقائع كثيرة، انتهت بوقوع وتحقق ما قاله المفسّر بالفعل «٢» . وهذا يدل على أن التنبؤ بالغيبيات كان لا يزال يمثل أهمية فى ذلك العصر. والترجمة الثالثة تدور حول قصة إسلام «كعب بن عدى التنوخى» ، وهى قصة مطوّلة، تمثل رحلته الطويلة من الشك إلى اليقين «٣» . ويلاحظ أن بها رواية غريبة، حرص مؤرخنا على تسجيلها، تتمثل فيما دار بين المترجم له وأحد الرهبان، الذي وصف له النبي صلى الله عليه وسلم.
أما فى «تاريخ الغرباء» ، فأعتقد أن أطول ما عثرت عليه من بقايا تراجمه، يتمثل فى ترجمة «حنش بن عبد الله الصنعانى» . وقد أفاض ابن يونس فى ترجمته، وشكلت إحدى الروايات الغربية حيّزا كبيرا منها، وهو يذكر بعض الرّقى، التى تحقق الشفاء من الأمراض التى تصيب الإنسان، بإذن الله «تعالى»«٤» . ولا شك أن هذه التراجم المطوّلة بها الكثير من الدلائل المفيدة العميقة، وتشير إلى العديد من الظواهر الحضارية «الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية» ، كما سنرى بعد.
ب- تراجم متوسطة الطول: وهذه بها بعض التفاصيل المهمة، التى تتناول فى تراجم بعض الشخصيات المهمة المؤثرة، مثل: «الصحابى الفقيه الوالى المصرى عقبة بن عامر