«هكذا وجدته- أى: هذا الكلام- فى الدّرج والرّق، الذي حدثنى به محمد بن موسى، عن ابن أبى داود، عن كتاب عمرو بن الحارث»«١» . وكذلك قوله بعد أن ذكر حديثا، اشترك فى روايته أحد المترجمين:«لم أجد هذا الحديث فى غير كتاب ابن عفير. أخرجه لى حسين بن زيد، عن أسد بن سعيد بن كثير بن عفير»«٢» . فهو- إذا- نقّب وفتش عن هذا الحديث فى مصادر عديدة، فلم يجده إلا فى هذا الكتاب المذكور، من طريق اطمأن إليه «عن طريق ابن المؤرخ ابن عفير صاحب الكتاب» .
وقد يتأكد مؤرخنا من صحة المعلومة التى يذكرها فى الترجمة، عن طريق سؤال أحد المتصلين بصاحبة الترجمة، ولا يكتفى بهذا، بل يطلع على الأصول؛ للاستيثاق من ذلك قبل إثباته فى الترجمة. وخير مثال يشهد على ذلك قوله فى ترجمة إحدى النساء:«وقال لى أبو صالح، أحمد بن عبد الرحمن بن القاسم» : إنه سمع منها مع أبيه «عبد الرحمن بن القاسم» ، وأرانى سماعه على كتاب من كتب أبيها بخط أبيه «أبى مسلم»«٣» . ومعنى هذا أن ابن يونس لم يسجل فى الترجمة سماع أبى صالح المذكور من المترجم لها، حتى أطلعه على واحد من كتب والدها- التى كانت تحدّث بها فيما يبدو- وهو بخط والد «أبى صالح» ، وقد كتب عليه، وسجل به سماع «أبى صالح» مع أبيه منها.
ج- الاستيثاق من أهل العلم: وهذه قاعدة أخرى من القواعد التى وضعها ابن يونس لنفسه عند اقتباسه من موارد كتابه، فقد لا يستطيع النقل المباشر عن المترجم؛ لعدم معاصرته إياه، أو لتعذر اللقاء به، وربما لا يقف على الأصول والمصادر التى ينقل منها ما يشاء من معلومات، أو يحقق ما يرى من قضايا، فماذا يفعل إذا؟ إنه يتجه إلى العالمين بالشأن الذي يسأل عنه، ممن يوثق بقولهم، ويكونون على معرفة بالمترجم له.
فمثلا: يسأل أهل بيته عن أصله «٤» ، ويسأل ابنه عن تاريخ وفاة والده «٥» ، ويسأل الحفيد