لست ابن عقيل، أنا غلامه، فقالوا: بل أنت ابنه، وجبذونى، فأخرجونى من الدكان.
فقلت: إلى أين؟! فقالوا: إلى ديوان الأستاذ أبى علىّ «الحسين بن أحمد» يعنون أبا زنبور «١» ، فقلت: وما يصنع بى؟! فقالوا: إذا جئت، سمعت كلامه، وما يريده منك.
ولم يكن معى ما أكترى به حمارا، فنزعت تكّة سراويلى «٣» من وسطى، ودفعتها على درهمين لمن أكرانى الحمار.
ومضيت معهم، فجاءوا بى إلى دار «أبى زنبور» . فلما دخلت، قال لى: أنت ابن عقيل؟ فقلت: لا يا سيدى، أنا غلام فى حانوته. قال: أفليس تبصر قيمة الخشب؟
قلت: بلى، قال: فاذهب مع هؤلاء، فقوّم لنا هذا الخشب، فانظر بحيث لا يزيد ولا ينقص. فمضيت معهم، فجاءوا بى إلى شطّ البحر، إلى خشب كثير من أثل «٤» ، وسنط «٥» جاف، وغير ذلك مما يصلح لبناء المراكب. فقوّمته تقويم جزع، حتى بلغت قيمته ألفى دينار، فقالوا لى: انظر هذا الموضع الآخر، فيه من الخشب أيضا، فنظرت فإذا هو أكثر مما قوّمت بنحو مرتين، فأعجلونى، ولم أضبط قيمة الخشب، فردّونى إلى «أبى زنبور» ، فقال لى: قوّمت الخشب كما أمرتك؟ ففزعت، فقلت: نعم. فقال: