للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتشابه لغيره وهو ما ظُن أنه محكم كبعض العمومات أو الإطلاقات التي يراد منها الخصوص، أي تُتَأول على غير المراد الذي بُيِّن للراسخين في العلم من الصحابة، كقول الله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) [المائدة ٤٤] فظاهره - على طريقة الأصوليين المتكلمين - يعم كل من لم يحكم بما أنزل الله ولو خطأ .. لذلك ظنت الخوارج أنه دليل محكم في ما تأولت، لكن لما رد إلى المحكمات علم أنه متشابه. كذلك استدلالهم على تكفير صاحب الكبيرة بمثل قول الله تعالى (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا) [الجن ٢٣] وقول الله تعالى (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) [المائدة ١٤] فالفعل "يعص" مطلق بادي الرأي لكن تبين تشابهه بالمحكمات (١). وله نظائر كقول النبي : ليس من البر أن


(١) - قال ابن العربي المعافري: وآيات الوعيد وأخباره كثيرة وهي بإجماع من الأمة من المتشابه الذي نبأنا الله عنه في قوله: (وأخر متشابهات) الذي لا يتبعه إلا زائغ القلب اه [القبس ص ٨٩٧] هذه حكاية إجماع على أن كل نصوص الوعيد متشابهة وإن كانت صيغها صيغة الظاهر، والقصد تشابهها في الأعيان، أي ليست عامة في كل من وقع في ذلك العمل، ثم هي محكمة من جهة دلالتها على أن العمل المتوعد عليه كفر، لذلك قال من قال من السلف أنها محكمة أي من هذا الوجه. قال ابن المنذر [التفسير ٢٢٨] حدثنا زكريا قال حدثنا الحسين بن عيسى البسطامي قال حدثنا محمد بن حرب قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثني عطاء بن دينار الهذلي عن سعيد بن جبير (وأخر متشابهات) أما المتشابهات فهي آيات في القرآن يتشابهن على الناس إذا قرءوهن، ومن أجل ذلك يضل من ضل ممن ادعى بهذه الكلمة، فكل فرقة يقرؤون آية من القرآن يزعمون أنها لهم أصابوا بها الهدى. وما يتبع الحرورية من المتشابه قول الله ﷿ (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ثم يقرؤون معها (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)، فإذا رأوا الإمام يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر، فمن كفر عدل به، ومن عدل بربه فقد أشرك بربه، فهؤلاء الأئمة مشركون ومن أطاعهم، فيخرجون فيفعلون ما رأيت، لأنهم يتأولون هذه الآية، وفتحت لهم هذه الآية بابا كبيرا، وقولهم فيه لغير الحق ومن قولهم أنهم يقرؤون (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) فيجعلونها في المسلمين واحدة، وإنما أنزله الله ﷿ في الناس جميعا، المشرك يعلم أن الله حق، وأنه خلق السماوات والأرض، ثم يشرك به، وآي على نحو ذلك، لو شعر كثر فيه القول، وتتأول السبائية إذ يقولون فيه بغير الحق إنما يقولون قول الله ﷿ (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) فيجعلونها فيمن يخاصمهم من أمة محمد في بعث الموتى قبل يوم القيامة اه ابن لهيعة فقيه، وقلما يهم الفقيه في المتن وهو الغرض هنا لا السند.

<<  <   >  >>