للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لم يكن عليه العمل مطلقا لا في زمن النبي ولا زمن الصحابة بعده. والترك كما تمهد دال على أن المتروك غير مقصود التعبد به. وبالله التوفيق.

- ومنها العلم بأن من البدع ما يكون بالترك كما يكون بالعمل إذا أراد صاحبها خيرا، كما في حديث أبي إسرائيل وخبر أبي بكر مع المرأة التي حجت مصمتة ونظائرِه. فمن تعبد بتركٍ مثلِ ذلك فقد عمل عملا ليس عليه أمر رسول الله وأصحابه.

- ومنها أن الترك أي مع وجود مظنة العمل ينبغي اعتباره مع الحديث المروي في الباب، فإن من الناس ممن يحتج بالترك لا يُعمِله إلا إذا عدم الإسناد في المسألة كالقول في المولد أنه لا يشرع لأن الداعي كان موجودا فهُجر العمل به، لكن إذا صح الحديث عنده أعمله على الإطلاق وذهل عن تتبع العمل والترك. والصواب أنه ينبغي ملاحظته مع الحديث نفسه في ما دل عليه الحديث، وهذا كما قال مالك في الجهاد من الموطأ وسئل عمن قتل قتيلا من العدو أيكون له سلبه بغير إذن الإمام قال: لا يكون ذلك لأحد بغير إذن الإمام ولا يكون ذلك من الإمام إلا على وجه الاجتهاد ولم يبلغني أن رسول الله قال من قتل قتيلا فله سلبه إلا يوم حنين اه فرأى أن ترك النبي الإذن في ذلك بعد حنين مع وجود المقتضي هو من أمره الذي ينبغي أن يُنظر في مجموعه. ومن هنا كان نظر الليث بن سعد في إنكاره الجمع في المطر في رسالته إلى مالك بن أنس فراجعها، ولهذا نظائر في الحديث كثير. وهو أيضا مما ينفع في معرفة مذاهب الصحابة بعد نبيهم ، فقد صح عن عائشة أنها كانت تأمر غلمانها بلبس التبابين وهم محرمون، وقد كان الفقهاء من الصحابة يتجردون ولا يأخذون بهذه الرخصة ولا يفتون بها وهم أحوج إليها لو كانوا يرونها، فترك الإفتاء أو العمل بها حيث مظنتها يدل على ثبوت الخلاف بينهم في المسألة. فمن عول على مجرد الإسناد ظن أنه أمر لم يثبت فيه خلاف. والصحيح مراعاة الترك عند وجود مظنة العمل مع ما ينقل رواية.

- فائدة: الترك يدل على أن المحدث غير مقصود للشرع، وقول النبي : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد اه وهو من جوامع الكلم هو الدال على إبطال البدع.

<<  <   >  >>