علقمة: هل كان رسول الله ﷺ يختص من الأيام شيئا قالت: لا، كان عمله ديمة اه فظهر أن الدوام المقصود في ما لم يوقِّت فيه قيدا هو في عدم اتخاذ يوم أو وصف مخصوص بالعمل، والمحافظةِ على الفعل والترك. فالسنة فيه اتباع الفعل والترك من غير توقيتٍ موظَّف. ويتأيد هذا بوجوه تدل على أن المواظبة عليه مرجوحة غير مقصودة للشرع:
- منها أن الترك معارِض للمداومة، والتركُ سنة ينبغي اتباعها، فمن واظب على هذا اللون خالف من هذا الوجه، فأتى ما ينبغي تركه، وقد عرفنا ما في الاحتجاج بالعمومات المطلقة، والمقتضي للمواظبة زمن النبي ﷺ كان قائما وهو الرغبة في زيادة التعبد لله تعالى، وقد كان النبي ﷺ إذا عمل عملا أثبته [م ٧٤٦]. فالترك مع وجود المقتضي للفعل وانتفاء المانع دليل على عدم الاستحباب. وقد تقدم أن الأصل في المتروك عدم التشريع إلا ما قام الدليل على أن تركه كان لمانع زال.
- ومنها أن في المداومة على قيد مفسدة المضاهاة للطريقة الشرعية، كما قال مجاهد: لا تصوموا شهرا كله تضاهون به شهر رمضان اه فتوقيت قيد بغير برهان من الله ورسوله ﷺ تسور على مقام ليس للعبد منه نصيب.
- ومنها أن فيه مخالفة للمقصود من التوسعة، فإن العمل إذا بقي مطلقا ليعمل العبد على نشاط نفسه إقبالا وإدبارا كان أوسع من التزام قيد مفض إلى الملل أو ترك السنة الراتبة. وكم ترك الناس من سنن متفق عليها لانشغالهم بأوراد أحدثوها، فوجدوا في أنفسهم إقبالا على ما أحدثوا، واستقبلوا السنن بنفوس فاترة، لم تشتغل بها أو بإحسانها إلا قليلا!
- ومنها أن المواظبة إذا اقترنت بالإظهار بين الناس كانت موهمة بأنها سنة راتبة أو فريضة موقتة. وقد بلغني عن ناس من أهل ناحيتنا يحسبون من إِلْفِهِم صيام الست من شوال دهورا أنه تمام صوم رمضان، وظنوا أنه لا يتم صوم عبد حتى يُتبِع رمضان بست من شوال، فتكرر ما خاف منه مالك وعلماء المدينة قبله (١) .. ومنهم من رأى أن