السكوتي! والصريح بما اشترطوه لا يقع عادة البتة لأنهم يعجزون عن أن يأتوا في ما مثلوا به للإجماع الصريح بالأسانيد الصحيحة عن كل عالم أنه صرح بوجوب الصلاة مثلا، إلا أفرادا منهم قليلا. فانتهوا إلى أن قالوا: هو أمر لا يتصور فيه اختلاف، فصار الإجماع الذي هو الحجة عندهم المفيد للعلم غير متحقق في الواقع، إنما الواقع منه السكوتي وهو عندهم لا يفيد العلم ولا يوجب العمل، فأنكروا ما يُسِّرَ للعمل، واحتجوا بما لا يقع، ولا يكون منه عمل! ومثله قولهم: هل يُعمل بالعموم قبل النظر في مخصصه؟ فتكلموا واختلفوا .. وليت شعري على من جرى الحديث؟ أما الفقيه فلا سلطان للمتكلمين عليه، هو عارف بما تفقه على مذاهب الأولين منازل العموم ونحوه، وأما المتعلم فلا سبيل له إلى "الاجتهاد" قبل أوانه ..
- ومنها أن العالم هو من عرف الأمر الأول وما كان عليه العمل، كما قال سفيان الثوري: إنما العلم كله العلم بالآثار اه وقال مالك: العلم الذي هو العلم معرفة السنن والأمر المعروف الماضي المعمول به اه ويروى عن سعيد بن جبير أنه قال: ما لم يعرف البدريون فليس من الدين اه وأن من اشتغل بالكلام ونحوه مما يسمى علما لا يعد في طبقات العلماء (١)، ولا صنعته من العلم في شيء ..
- ومنها معرفة أن ما طُلب للعمل من القربات ونحوها إنما يلتمس بيانه من جهة العمل عملِ النبي ﷺ وأصحابه، لذلك لم يُعَوَّل على ما يفهم من المطلقات والعمومات في بيان صفة العمل. إذ البيان كان به لا بالأمر فقط، والقول جاء لأمور أخر لا يدل عليها الفعل كالدلالة على الوجوب والعموم في كل الناس وثواب ذلك، فالله تعالى شرع الدين، والنبي أول العابدين، فمن أراد أن يعبد ربه فقد أمر باتباع نبيه في ما اتخذه وسيلة إلى ربه لا يجتهد لنفسه كالمستغني عن بيان رسول الله ﷺ. فاعرف وظائف الأدلة يستبن لك فقه كثير.
- ومنها معرفة ما يوقت من أمور القربات وما لم يوقت، فإن النبي ﷺ كان ربما حد فيها سنة معلومة تلتزم وربما لم يوقت وهو الأكثر، وتتبع العمل الجاري والترك