للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ومنها إثبات الترجيح بالعمل، إذا جاءت رواية مما نفهم منه عملا ليس عليها عمل أحد من أصحاب النبي فالأمر تركُ الخبر للعمل، أي ترك فهمنا للحديث. لا تقل هذه معارضة للسنة بأقوال الصحابة وأفعالهم! ولكن قل: معارضة الحديث والرواية للسنة، فقد عرفت الفرق بينهما. ثم لا يهمنا أن نقول في الخبر هو منسوخ، أو غير محفوظ (١)، أو أن من رواه تأوله على غير تأويله، أو أننا تأولناه على غير تأويله .. كحديث بشير بن الخَصاصية [س ٢٠٤٨] أن النبي رأى رجلا يمشي بين القبور في نعليه فقال: يا صاحب السبتيتين ألقهما اه فلو كان خلع النعال من سنة المقابر لعمل بها رسول الله وأصحابه بعده ولتواصوا لكثرة تردادهم إلى البقيع والمقابر، فليس هو سنة، وإنما للحديث وجه آخر، لذلك ذكر أهل الآثار له وجوها مشهورة (٢). ومثله حديث التسمية في الوضوء، لم يزل أصحاب النبي يتوضؤون ويحكون وضوء نبي الله ولا يذكرون التسمية، وما علموها أحدا من أبنائهم أو أصحابهم، وهي مما شرع ليَعمَل به كل عبد لو كان سنة وتتوافر الدواعي لنقله، وإنما وجه الحديث إن صح ما قال ربيعة: أنه الذي يتوضأ ويغتسل ولا ينوى وضوءا للصلاة ولا غسلا


(١) - كما قال الثوري وشعبة ويزيد بن هارون في حديث أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن عائشة قالت: كان النبي ينام جنبا لا يمس ماء. أنه وهم من أبي إسحاق [ت ١١٩/ د ٢٢٨] [الأوسط لابن المنذر ٦٠٥]. وقد كانت عائشة تفتي بالوضوء لمن نام جنبا [ط ١٠٨/ ش ٦٦٦] وقال البغوي في مسند ابن الجعد [١٧٦٤] وكان في كتاب لعلي بن الجعد أنا سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة: أن النبي كانت تصيبه الجنابة من الليل فلا يمس ماء حتى يصبح. فسألنا عليا عنه فلم يحدثنا به، وقال: ليس العمل عليه اه
(٢) - انظر مثلا صحيح ابن حبان [٣١٧٠] وشرح معاني الآثار باب المشي بين القبور بالنعال، وشرح السنة للبغوي [١٥٢١] وفي حديث عائشة [م ٢٣٠١] قالت: .. فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات. الحديث.

<<  <   >  >>