للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويغني عن قولنا "المشقة تجلب التيسير" قول ربنا ﷿ (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) [البقرة ١٨٥] وهي قاعدة في سياق حكم فقهي، وقول نبيه: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا اه [خ ٣٩] وكلها جوامع للكلم أعلام على معانيها، ثم يُتتبع عمل النبي وأصحابه لمعرفة مظانها.

وعن قولنا "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" قول نبي الله: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم اه [م ٦٢٥٩] فإنه أحسن منها وأدق.

وهذا كما يُسأل المفتي فيجيب بالقاعدة المشهورة: "الضرورات تبيح المحظورات" و"الضرورات تقدر بقدرها " ويشرح وجههما، وكان أولى منه ما لو تلا عليه (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) [البقرة ١٧٣] لكان في جوابه البركة، وبكل حرف له حسنة، ووجد المستفتي أن الله هو الذي أفتاه فيها، فازداد إيمانا وتسليما، وكان لقنه الإيمان مع العلم ..

وكما لو قال المسلم لصاحبه وهو يحاوره أو يصحح مذهبه: " لا اجتهاد مع النص" لكان أولى منه لو تلا قول الله تعالى يعظه (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) [الحجرات ١] إذن لما تجاوزها مؤمن.

أو يجيب المفتي بقوله: أكره كذا لقاعدة سد الذريعة، خير منه لو تلا قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم) [النور ٢١] فهذه الآية من أحسن جوامع الكلم إذ ذكرها الله تعالى جَدُّهُ بين آيات تمنع خطوات الشيطان، وتسد الذريعة دون الفاحشة، حيث أمر بالاستئذان وغض البصر والحجاب، وقبلها فرض حد الزنا والقذف واللعان .. فكانت الآية أحسن تأصيل في سياق مسائلها، ومن أخذ منها الأحكام واستدل بها ازداد إيمانا، ونفع السائل على نحو ما كان النبي مع أصحابه (يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) [آل عمران ١٦٤] وهذا هو المفتي الوارث خليفة النبي في أمته.

وقول الله جل في علاه (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن ١٦] وقول نبيه عليه الصلاة

<<  <   >  >>