للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام: وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم اه [خ ٦٨٥٨] خير من قولنا قاعدة: "الميسور لا يسقط بالمعسور".

وقول النبي : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك اه [س ٥٧١١] أو قوله: الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه. الحديث [خ ٥٢] خير من قولنا قاعدة: " إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام ".

وهذا كما فعلوا في بعض القواعد القلائل كقول النبي : الخراج بالضمان اه [د ٣٥١٠] وقوله: العجماء جبار اه [خ ١٤٢٨] من بقايا جوامع الكلم التي جُعلت تراجم في كتب القواعد.

فلمَ نعدل عن جوامع الكلم السنة ثم نجتهد في اختراع جوامع أعلام على المعاني الشرعية؟! ولربما كان في بعضها من شناعة اللفظ أو الالتباس الذي أورث الاختلاف كقولهم " شرط الواقف كنص الشارع "! وهذا من شؤم التوسع في الإحداث واستخفافه .. وحتى جعلها بعضهم على هيئة القوانين الوضعية الرياضية الجافة على سنة اليونان، وسلخها عن معاني الإيمان! (١)

إنما غاية تلك الكلمات الصحيحة المعنى أن تكون شرحا لمن استعجم جوامعَ الكلم لا أعلاما على المعاني وبدلا عنها (٢)، وإنه ليسعنا ما وسع الأولين، وقد عرفت أن المواظبة على ما يجوز مطلقا من غير دوام تُصَيره بدعة ..

وقد انتهى بناس أن فضلوا هذه القواعد على أحاديث النبي بدعوى أنها قطعية وأن الأخبار أكثرها آحاد ظنية .. ! فحلت البدعة محل السنة، وصاروا بها يفرحون ويستدلون، وهجروا العلم .. !

فمن لم يدرك هذا ظن أن الكمال والدقة والعلم وجودة البيان والكفاية في كلام


(١) - روى مسدد [إتحاف الخيرة ٤٨٩٢] حدثنا حماد بن زيد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: إن القضاء ليس بحساب يحسبه، ولكن مسحة تمر على القلب اه سند جيد.
(٢) - إعلام الموقعين ١/ ٣٣٣

<<  <   >  >>