للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله أسوة حسنة) [الأحزاب ٢١] جامع في سياق خصوص الأمر بالصبر في الجهاد. وقوله سبحانه (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [الحشر ٧] جامع في سياق خصوص الفيء. ومثل قوله " إنما الأعمال بالنيات " جامع "فمن كانت هجرته " خصوص. كذلك قوله: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" جامع "فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح " [م ٥١٦٧] سياق خاص لا يخصص بل هو موافق العام. فدل الحديث إذًا بلفظه ومعناه على أن أقل زيادة في الدين غلو مذموم. وهذا عموم آخر.

فيا ليت شعري أي عموم يخصَّص!؟ آلأول أم الثاني .. ؟ وحتَّامَ يستمر التخصيص ونسبة إرادته إلى الشرع أمام هذا الحشد العظيم من الأدلة!؟ ولِمَ تُقَدَّم رواياتٌ قليلة متشابهة على هذا التواتر القاطع!؟ يؤيده:

- الرابع والعشرون: كلمات أصحاب النبي في ذم البدعة مطلقا من غير إشارة إلى قيد أو تفصيل في السياق، بل بتأكيد العموم.

فهذا أمير المؤمنين عمر يقول: وإن شر الأمور محدثاتها، ألا وإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار اه ويأتي بالعموم على حاله مؤكَّداً، ومنبها الغافل بآلة التنبيه "ألا ".

وقال ابن عمر: " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنا " فعمم أيضا، وأكد العموم بالتحرز من إمكان الاستحسان، وهو صريح في إرادة العموم المطلق، وفي عدم إرادة الخصوص.

وهذا ابن مسعود يقول: " كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" ويقول: "فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالأمر الأول "، وقد كثرت كلماته في التحذير المطلق منها لأنه كان بالعراق حيث كثرت البدع.

فهذه وغيرها من وصاياهم ، في كلمات جامعة، تظاهرت على إطلاق العموم. وإنما نطقوا به لِما فهموا من قصد النبي إلى ذلك. يؤيدها:

- الخامس والعشرون: أحكام الصحابة وأصحابهم على أعمال خاصة حضروها أو سئل أحدهم عنها في باب ما أنكروه. وعامة ذلك يستحسنه المخالفون، يقولون: لا

<<  <   >  >>