- الحادي والأربعون: إبطال الأدلة التي تمسكوا بها في إثبات الدعوى، وقد تقدم في التمهيد طرف منها، فلتكن هنا وجها آخر، وإبطال دليل المخالف دليل. ومنه أيضا:
- الثاني والأربعون: استدلالهم بما ظنوه دليل الخطاب في قول النبي ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد اه قالوا: مفهومه من أحدث في أمرنا ما هو منه فليس برد، فخصصوا به العمومات المطردة في رد كل بدعة! وهذا رد من وجوه:
- أحدها: أن شرط اعتبار المفهوم ألا يبطل نصا، فكيف وهو يلغي - على فرض صحته - كل العمومات المحكمة التي تظاهرت على العموم حتى صارت نصا على اصطلاح الأصوليين.
- الثاني: أن المنطوق إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، والمخالف مقر بأن أغلب المحدثات منكرات أي ليست من أمرنا، لأنه لا يجوز أن يكون الباقي من العموم "كل بدعة" هو الأقل على فرض التخصيص. فيكون قوله: ما ليس منه وصفا أغلبيا لا مفهوم له، هذا على لازم مذهبهم وعلى فرض صحة المفهوم.
- الثالث: أن قوله "ليس منه" صلة الموصول "ما" لا محل لها من الإعراب، وإنما سيقت لبيان الإسم الموصول لأنه مبهم لا لتقييده، لذلك لا يصح في أنواع المفاهيم "مفهوم الصلة"، إنما ثَم مفهوم الصفة ومفهوم الشرط وما هو مشهور .. و"ما ليس منه" ليس قيدا للمحدث، بل هو المحدث نفسه، إذ لم يقل: من أحدث في أمرنا هذا محدثا ليس منه فهو رد فيكون نعتا ويعطى مفهوم الصفة، وإذن لَوَرَدَ الكلام السابق في شرط اعتبار المفهوم. وجملة الصلة مع اسمها في محل نصب مفعول به تقديره "محدثا"، فكأنه قال: من أحدث في أمرنا هذا محدثا فهو رد. ولو حذفنا الروابط من الجملة وجردنا المسند والمسند إليه، كان تقدير الكلام: المحدث رد، مفهومه: غير المحدث ليس برد، وهو السنة، وهذا هو نقيض المنطوق، والمفهوم إنما يتناول النقيض لا الضد (١). فالمنطوق يثبت الرد بوصف الإحداث، والمفهوم