للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحلية ٩/ ٨] حدثنا أحمد بن إسحاق ثنا عبد الرحمن بن محمد ثنا عبد الرحمن بن عمر قال ذكر عند عبد الرحمن بن مهدي قوم من أهل البدع واجتهادهم في العبادة فقال: لا يقبل الله إلا ما كان على الأمر والسنة ثم قرأ (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) فلم يقبل ذلك منهم ووبخهم عليه. ثم قال: الزم الطريق والسنة. وسمعت عبد الرحمن يكره الجلوس إلى أصحاب الرأي وأصحاب الأهواء اه سند صحيح، عبد الرحمن بن عمر هو المعروف برُستة، وعبد الرحمن بن محمد هو ابن سلم الرازي، وأحمد بن إسحاق هو أحمد بن بندار بن إسحاق الشعار.

وعهدنا بالقوم إذا استدل عليهم مخالفهم بشيء من أخبار بني إسرائيل قالوا: شرع من قبلنا ليس شرعا لنا. فكذلك نقول هنا - إن سلمنا أن ابتداعهم كان محمودا ولم يصح ذلك - قد جعل الله لكل منا شرعة ومنهاجا. سواء على قول من أطلق أنه ليس شرعا لنا، أو من استصحبه ما لم يثبت دليل على نسخه، وقد ثبتت الأدلة القواعد على أن كل بدعة ضلالة.

- الخامس والأربعون: ما تقدم من رد الاستدلال بحديث: " من سن في الإسلام سنة حسنة ". وهنا وجه آخر: هو أن الحُسن والقبح في السنن لا يُعلمان إلا من دليل شرعي، فتوقفت معرفة المقصود بالسنة الحسنة والسنة السيئة في الحديث على دليل. ولا يجوز أن يكون منفصلا متأخرا، إذاً يكون مجملا وليس هو كذلك، بل هو ظاهر للصحابة اتفاقا. فهنا نكت:

- الأولى: أن هذا الخبر جاء في خطبة خطبها النبي ، وسُنَّتُه الجارية في خطبه أنه يُصَدِّرها بقوله: " كل بدعة ضلالة " كما حكى جابر . فهذه قرينة في السياق دالة على أن رسول الله لم يرد بالسنة في الحديث البدعةَ.

- الثانية: أنه متأخر لأن جريرا البجلي متأخر الإسلام، أي أن الخبر جاء بعدما تمهدت المعاني الشرعية وظهر الفرق بين السنة والبدعة. فصاروا إذا سمعوا لفظ "سنة" يضاف إلى الشرع يتبادر إلى أذهانهم أنها هدي النبي ، ككل المسميات الشرعية. لا يفهمون منه معنى البدعة شرعا. فأعلمهم في هذا الحديث أن من عمل في الدين عملا عليه أمرنا فاتبعه الناس كان له الأجر أضعافا كما في سبب الورود، فإن

<<  <   >  >>