للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* أن الحديث يصير مجملا غير محكم، إذ لا يدل على معنى بذاته، والعمل به موقوف على غيره وهذا هو المتشابه، وقد اتفق أهل القبلة على أن الحديث قاعدة، والقواعد لا يدخلها الاشتباه.

* أن تقدير من قدره بما نهيتكم عنه يعني أنه أحالهم لضبط النهي ولمعرفة الضلالة على ما لا يكاد ينضبط، والحديث قاعدة، والقواعد جاءت لضبط الجزئيات التي يعسر ضبطها، وليست عنوانا فارغ المحتوى، فالحديث إذاً محكم ضابط لفروعه من جوامع الكلم.

* يلزم من ذلك التأويل أنه تكليف بالشاق وبما لا يحيط بعلمه أكثر الخلق، ونسبة ذلك إلى النبي من جنس الكذب عليه والقول عليه ما لم يقل. بل الحديث قاعدة من جوامع الكلم التي أوتيها نبينا. ولمَّا لاحظ هذا بعض المستأخرين نفض يده من الأصول المحكمة! فاضطربت أصوله وفروعه، وحسابه على الله.

- السابع والأربعون: استدلالهم بالعفو - أن ما استحسنوا مسكوت عنه - لتصحيح البدع، ثم هم يضطربون فيه، يقولون هو مما سكت عنه، ثم يستدلون لاستحسانه بالعموم! وما دام مقصودا في العموم فليس هو بمسكوت عنه بل منصوص عليه. وإنما التبس أمره عند من تعلم القرآن والسنة بطريقة المناطقة. والحق أن العفو ما كان بيانه بالسكوت عنه لأنه من أمور الحلال والحرام التي تُبَيَّن بالقول. أما السنة المقصودة للتدين فبيانها بالعمل والنبي أول العاملين، والبدعة بيانها بالترك، والنبي أول الزاهدين، ومأخذ حكمهما من القول الآمر بالسنة والناهي عن البدعة. وليس العفو من السنة إنما السنة سنة النبي وأصحابه ما تدينوا به، والعفو شيء يترك ولا يخاض فيه ولا يتدين به ولا يثاب عليه كما تقدم. فكيف يقال هو مما طُلب الاجتهاد في استخراجه من عموم أو قياس، بل الحديث الذي استدلوا به ينهى عن ذلك قال: وسكت عن أشياء من غير نسيان لها رحمة لكم فلا تبحثوا عنها. ثم راحوا يبحثون عنها!

- الثامن والأربعون: أنه ثبتت كراهة فعل ما ترك النبي ، لأن الترك فعل له حكمه، هذا فعل وجودي والترك فعل عدمي. فكما أن الفعل مكروه تركه، كذلك

<<  <   >  >>