للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشروط التي أحدثوها .. والرب سبحانه إذ أمرنا بالتمسك بالإجماع إنما كلفنا بما يقع في العمل لا ما لا يقع إلا في الخيال، وهذا من شؤم بدعة الكلام.

- الرابع والخمسون: ما تقدم من منهاج السابقين كتمييز الأحكام في الاعتقاد والعمل، وما وقت مما لم يوقت .. فإن تقريره كاف لرد الاستحسان. إذ محال أن يكون من هدي الذين يحتاطون في المستحب بتركه حتى لا يظن أنه واجب، أو السنة المباحة حتى لا يظن أنها سنة مستحبة .. أن يتساهلوا في استحسان البدع التي تعد سنة مستحبة تضاهي السنة الشرعية! فبهذا تعلم أن استحسان البدع ليس من أصولهم.

- الخامس والخمسون: ما ثبت من الفرق بين السنة والحديث فمن فهم من حديث ما ليس عليه العمل أخطأ السنة إذ السنة العمل. والسنة هي الحكمة في القرآن (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) [النساء ١١٣] (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) [الأحزاب ٣٤] أي السنة المبينة وجوه العمل بالقرآن، فدل هذا على أن السنة في القربات حقيقةً هي العمل، فهو الحكمة لذلك قال في الحديث [خ ٧٣]: ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها اه والحكمة والحُكم في القرآن واحد وهو ما نزل على الواقع للعمل، بل العمل الصحيح نفسه. وقد رُزِقها أصحابه رضوان الله عليهم كما في حديث ابن عباس دعا له: "اللهم علمه الحكمة" [خ ٣٥٤٦] والحكمة حسن التصرف بالعلم بوضعه في الموضع المطلوب وهو حسن العمل به. فالحكمة إذاً العمل الصالح، فما لم يكن من عملهم فليس من الحكمة، ومن استدل بمعنى من حديث ليس عليه العمل لم يتبع السنة ولا أصاب الحكمة. فلا بدعة حسنة.

- السادس والخمسون: ما ثبت أن العمومات في صفات التعبد متشابهة إنما يراد بها ما وقع عليه العمل الأول هو بيانها، فيسقط الاستدلال بمطلق العموم على ما لم يقع في العمل. فلا يبقى وجه لاستحسان بدعة.

- السابع والخمسون: أن الإيمان في دين رب العالمين يزيد عند العبد مع الطاعات، وأن كماله بالأعمال. قال ابن أبي شيبة [٣١٠٨٤] ثنا أبو أسامة عن جرير بن حازم ثني عيسى بن عاصم ثنا عدي بن عدي قال: كتب إلي عمر بن عبد العزيز: أما

<<  <   >  >>