للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد فإن الإيمان فرائض وشرائع وحدود وسنن، فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها، وإن أمت قبل ذلك فما أنا على صحبتكم بحريص اه [صحيح] ومن زعم أن شيئا من الأعمال التي لم يَعْمَلها رسول الله وأصحابه مسنونة تزيد الإيمان فقد زعم أن النبي وصحبه لم يكونوا على الكمال .. فلم يبق إلا أن ذلك ليس من الإيمان، فلا بدعة حسنة.

- الثامن والخمسون: قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) [النور ٢١] وقول النبي : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك اه من جوامع الكلم الذي يعبر عن معناه المتأخرون بقاعدة سد الذريعة دليل آخر على خطأ القول بالتقسيم، فمنعُ كل بدعة أحوط في الدين، وفتح باب الابتداع مظنة الفساد. والاحتياط عريق في العبودية، لا تجد عابدا إلا محتاطا لدينه، آخذا بالعزائم، عاملا بالأفضل. وهذا الوصف مُنافٍ للمخاطرة بابتداع بدعة والزعمِ أن الله استحبها. وهل عبدت الأوثان والكواكب .. وغيرت الملل إلا باستحسان البدع؟!! فكيف ينسب إلى الشرع الذي قد عُلم أنه إذا حرم شيئا حرم ما حوله وما يؤدي إليه، أنه دعا إلى استحسان البدع؟! وهو أمر فيه مخاطرة قد توقع صاحبها في الضلال!

وهل من عادة الشرع في المناهي أن يجعل دون المحرم فاصلا دقيقا من تجاوزه هلك وكانت منه البراءة، وأن من حام حوله لم يكن عليه بأس بل كان مصيبا مأجورا؟!! بل الشرع يحمي الحمى ويسد الذرائع نصحا للعباد. ومما قالوا أن ما قارب الشيء أخذ حكمه. وهذا في ما بين المباح والحرام مسَلم فكيف فيما بين المطلوب والمذموم؟ أي كيف يُظن أنه لم يجعل بين البدعة الضلالة التي لا يحبها والمستحب المطلوب الذي ترفع به الدرجات حجابا بل حجبا من المناهي؟! فمن عمد إلى شيء سد الشرع الذريعة دونه ففتحه على مصراعيه ناقض منهاج الشريعة، وحسابه عند ربه!

- التاسع والخمسون: أن الشرع لما تعبدنا في القربات بالتوقف، ولم يُظهر لنا

<<  <   >  >>