تخصيصا لعموم الميتة في الآية، ولكنه إخبار عن هذه الأشياء أنها ليست من الميتة المحرمة ولا الدم المحرم، وليس مراده الحصر بمفهوم العدد حتى يكون بمنزلة الاستثناء، فابن عمر نفسه ممن يقول أن ذكاة الجنين ذكاة أمه ولا يراه من الميتة وإن كان ميتا كما روى عبد الرزاق [٨٦٤٢] قال أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال في الجنين إذا خرج ميتا وقد أشعر أو وبر فذكاته ذكاة أمه اه [صحيح] والعلة هي خروج الدم المسفوح بالذكاة (١)، وهذا لا يوجد في الحوت والجراد بل هو ذكي. فالميتة والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع حرام إلا ما ذكيتم، فالسياق دال على أن ما حرم من ذلك هو ما يقبل الذكاة، وهو الذي يقول الفقهاء ما له نفس سائلة، وليس كذلك الحوت والجراد فغير داخل في اللفظ. لذلك من حرم الحلزون البري نظر إلى اللفظ وغفل عن السياق الذي هو الكلمة وتوهم أن العموم يشمله، وإنما هو عفو.
ومثله ما قالوا في قول الله تعالى شأنه (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)[البقرة ٢٢٨] زعموا أنه مخصوص بقول الله سبحانه (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن)[الطلاق ٤] فتوهموا أن الآية الأولى عامة في كل مُطَلقة لأجل النظر في اللفظ وحده، وليست كذلك وإنما هي في ذوات القروء أي الحيضات، فلا تتناول الحوامل ولا الآيسات ولا اللائي لم يحضن، وقد أخرج الحاكم في صحيحه [٣٨٢١] عن أبي بن كعب ﵁ قال: لما نزلت الآية التي في سورة البقرة في عدد من عدد النساء قالوا: قد بقي عَدَدٌ من عِدَدِ النساء لم يذكرن الصغار والكبار ولا من انقطعت عنهن الحيض وذوات الأحمال فأنزل الله ﷿ الآية التي في سورة النساء (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) اه فلم يكن اللفظ عندهم محتملا غير ذوات الأقراء.
(١) - روى مالك [١٠٤٥] عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: إذا نحرت الناقة فذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا كان قد تم خلقه ونبت شعره فإذا خرج من بطن أمه [حيا] ذبح حتى يخرج الدم من جوفه اه الزيادة [حيا] لابن بكير عن مالك [هق ١٩٩٧٤].