للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضا لا تتناول التي لم يدخل بها، قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) [الأحزاب ٤٩] إذ السياق في سورة البقرة دليل على أن الكلام في التي دخل بها زوجها (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر) ما خلق الله في أرحامهن الحمل إن كانت حبلى أو الحيض.

ومثله ما ذُكر في قول الله تعالى (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) [التوبة ٥] قالوا خصصته آية الجزية فاستثنت أهل الكتاب، والسياق من أوله إنما هو في المشركين المعاهدين لا يتناول هنا أهل الكتاب، والله أعلم بتأويل كتابه سبحانه، ثم ذكر أمر أهل الكتاب بعده بآيات. وقد فرقت آيات بين المشركين وأهل الكتاب، منها قول الله تعالى (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة) وقوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد) [الحج ١٧] وقال سبحانه (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) [آل عمران ١٨٦] فالآية محكمة العموم، وآية الجزية تنشئ حكما جديدا (١)، والله أعلم.

ومثله ما ذُكر في قول الله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم) [النساء ١١] قالوا خرج منه قول النبي : "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" [خ ٦٧٦٤/ م ٤٢٢٥] والسياق إنما هو في المؤمنين، لا يتناول الكافر لقرائن لمن تأملها إن شاء الله. والعجب أن كثيرا ممن احتج بهذه الآية على إثبات التخصيص بالمنفصل لا يرى الكافر مخاطبا بفروع الشريعة، ثم يزعم أنه وارد في هذا العموم!


(١) - كأن لفظ المشركين وأهل الكتاب إذا ذكرا في سياق اختلفا، وإذا ذكر لفظ المشركين مفردا دخل فيه أهل الكتاب، لذلك فهم ابن عمر دخول الكتابيات في الآية (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) [البقرة ٢٢١] ولم ير آية المائدة ناسخة مرخصة في نكاحهن بعد منع. والله أعلم.

<<  <   >  >>