كُبَّارا! لأن النسخ في الأخبار محال شرعا، وقوله كل بدعة ضلالة خبر، فمعنى قول من زعم ذلك أن يكون النبي عنده قد أخبر عن أمور أنها ضلال وفي النار، ثم نسخ هذا الخبر، وأخرج منه ما استُحسن!! وهم يقولون أن النسخ لا يرد في الأخبار ..
ودعوى إرادته للخصوص بعدُ من افتراء الكذب عليه ما لم يقل، وغفر الله للمتأولين وصلى الله على نبيه وسلم تسليما كثيرا.
فهذه الشريعة بمسائلها وجوامعها ومقاصدها تنادي بأن كل بدعة ضلالة بلا استثناء. فكيف يقال بعدُ بالتخصيص أو إرادة الخصوص، هدانا الله وإياهم.
ولقد أثبت الناس أصولا للفقه وقواعد بأدلة هي أقل من هذه أو مثلها كأدلة القياس والاستحسان في الأصول وكثير من قواعد الفقه في الأشباه والنظائر .. ومن نظر في أدلة القواعد عرف ذلك، وعرف أن ما ههنا محكم الثبوت لأنها معان متواترة، وحديث النبي ﷺ عند من فهمه غني بنفسه عن شهادة العالَمين، وجوامع الكلم المنزلة تغني عما أحدث بعد.
وإذا كانت آية تحريم الخمر والميسر بسياقها " قطعية الدلالة " كما أنهم ينطقون، فما ههنا أولى، قال ربنا تعالى جده (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين)[المائدة ٩٠/ ٩٢] هذه الآية محكمة في تحريم الخمر والميسر، نص قطعي الدلالة كما يقول الأصوليون، تتابعت "الظواهر" في سياقه على تأكيد المعنى.
فعلى طريقتهم يكون قوله (رجس) ظاهرا في التحريم و (من عمل الشيطان) ظاهر (فاجتنبوه) ظاهر (لعلكم تفلحون) ظاهر (يوقع بينكم العداوة والبغضاء) ظاهر (ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) ظاهر (فهل أنتم منتهون) ظاهر (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) ظاهر (واحذروا) ظاهر (فإن توليتم) الآية ظاهر. فهذا البيان الذي يسميه الأصوليون ظواهر يشهد "بالقطع" على أنه نص قطعي الدلالة لا يمتري فيه سليم الفطرة والفهم.
فإذا كان هذا شأن آية في حكم عملي فكيف بجامع من جوامع الكلم وشهد له