بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين " فأمر بسنتهم وشهد أنهم مهديون أي على هدي محمد ﷺ. وهذا معنى قول ابن مسعود: "فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول" أي العمل الأول .. فالهداية المطلوبة في الآية معرفة هدي المنعم عليهم والتوفيق إليه ومحبته .. فالمسؤول هو العمل الذي به اهتدى المنعم عليهم.
قال الطبراني [ك ١٠٤٥٤] حدثنا محمد بن الفضل السقطي ثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال: الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم اه إسناد جيد.
وأيضا قوله (اهدنا الصراط) مثل قول الخليل ﵊(أرنا مناسكنا) لا نهتدي إلى وجوه العبادة حتى تبينها لنا. والصراط الذي هو عملُ النبي ﷺ سبيلٌ لا يُعلم بالنظر ولكن بالاتباع. فدل على ألا اجتهاد في معرفة وجوه التعبد. بخلاف الضالين الذين وُكلوا إلى أنفسهم إذ اختاروا فضلوا. فدلت على أن الدين توقيف. إذ لا يُهتدى إلى معرفة محاب الله إلا بدلالة منه سبحانه. ويدخل في الصراط بالتضمن الترك لأنه فعل، وهو من تمام الاتباع.
ودل قوله سبحانه (إياك نعبد) على الإخلاص، وقوله (اهدنا الصراط المستقيم) على الاتِّباع. وهذان الأصلان هما عنوان الفلاح في الآخرة، شهادة ألا إله إلا الله بتوحيده، وأن محمدا رسول الله باتباعه. وفساد المغضوب عليهم من الباطن إذ عرفوا الحق فاستنكفوا عنه .. وفساد الضالين من جهة العمل كما قال ابن مسعود: "وكم من مريد للخير لن يصيبه" .. فعلمنا ربنا أن نسأله صلاح القلب وصلاح العمل ..
ودل قوله (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) على اجتناب سبل اليهود والنصارى، ومن شأنهم استحسان البدع.
إذا تأملت السورة الكريمة عرفت أن معانيها جوامع محكمة أو كليات على لسان الأصوليين لا تقبل التخصيص ولا النسخ ولا التأويل .. فقد ذكر الله ﷻ أن له الحمد، وهذا شامل للدنيا والآخرة، والشريعة والقدر .. من غير تخصيص. وأنه رب العالمين جميعا من غير تخصيص. وأنه رحمن رحيم لكل الخلق لذلك أرسل الرسل وأمهل الكافر .. وأنه ملك يوم الدين لا يخرج من ملكه وحسابه شيء .. وأنه الإله