للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمنسوب: أبو بكر ذاكر بن محمد بن عمر بن سهل الجاري البراءاني (١).

(٢٩٩) النسبة: البراثي، نسبة إلى بَرَاثا: بالثاء المثلثة، والقصر: محلة كانت في طرف بغداد.

والمنسوب: أبو شعيب البراثي، العابد، كان أول من سكن براثا في كوخ يتعبد فيه، فمرت بكوخه جارية من أبناء الكتّاب الكبار وأبناء الدنيا كانت ربّيت في القصور فنظرت إلى أبي شعيب فاستحسنت حاله وما كان عليه فصارت كالأسير له، فجاءت إلى أبي شعيب وقالت: أريد أن أكون لك خادمة، فقال لها: إن أردت ذلك فتعرّي من هيئتك وتجرّدي عما أنت فيه حتى تصلحي لما أردت، فتجردت عن كل ما تملكه ولبست لبسة النّسّاك وحضرته فتزوجها، فلما دخلت الكوخ رأت قطعة خصاف كانت في مجلس أبي شعيب تقيه من النّدى، فقالت: ما أنا بمقيمة عندك حتى تخرج ما تحتك، لأني سمعتك تقول: إن الأرض تقول يا ابن آدم تجعل بيني وبينك حجابا وأنت غدا في بطني (٢)، فرماها أبو شعيب، ومكثت عنده سنين يتعبدان أحسن عبادة، وتوفيا على ذلك.

وأبو عبد الله بن أبي جعفر البراثي، الزاهد أستاذ أبي جعفر الكريني الصوفي (٣)، وله خبر مع زوجته يشبه الذي قبله، وهو ما قال حليم بن جعفر: كنا نأتي أبا عبد الله بن أبي جعفر الزاهد، وكان يسكن براثا، وكان له امرأة متعبدة يقال لها: جوهرة، وكان أبو عبد الله يجلس على جلّة خوص بحرانية وجوهرة جالسة حذاءه على جلة أخرى مستقبلي القبلة في بيت واحد، قال: فأتيناه يوما وهو جالس على الأرض وليست الجلة تحته، فقلنا: يا أبا عبد الله ما فعلت الجلّة التي كنت تجلس عليها؟ فقال: إن جوهرة أيقظتني البارحة فقالت: أليس يقال في الحديث إن الأرض تقول يا ابن آدم تجعل بيني وبينك سترا وأنت غدا في بطني؟ قال قلت: نعم، قالت:


(١) معجم البلدان ١/ ٣٦٣.
(٢) هذا من كلام الزهاد والصوفية، وقد جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما يحول بينه وبين الأرض، تاريخ بغداد ١٦/ ٦٠١، وهو في حلية الأولياء ١٣/ ٢٢٣، وفي صفة الصفوة ١/ ٦٧٦.
(٣) ذكرنا شيئا مختصرا عن الصوفية، بعد المقدمة، تحت عنوان تنبيه.

<<  <   >  >>