للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول لي كلّم السلطان، فخرجت وتبعني أبي سريعا، قال: وتأويل هذه أني أموت وسيموت أبي بعدي، قال: فمات ومات أبوه بعده بثلاثة أيام حزنا عليه، وصنف أيضا كتابا في الحديث جمع فيه بين الكتب الخمسة الصحاح، وأوصى عند موته بغسل تلك الكتب فغسلت.

ومن ذي جبلة أيضا الفقيه أبو الفضائل بن منصور بن أبي الفضائل، كان رجلا صالحا فقيها، صنف كتابا ردّ فيه على الشريف عبد الله بن حمزة الخارجي، واعترض فيه على ألفاظه، ولحّنه في كثير منها، وزيّف جميع ما احتجّ به، فلما وصل الكتاب إلى الشريف الخارجي أجاب عن الشريف حميد ابن الأنف، ولما وصل كتابه إلى الفقيه أبي الفضائل صنف كتابا آخر في الردّ عليه، ومات أبو الفضائل بذي جبلة في أيام أتابك سنقر في نحو سنة (٥٩٠) وبذي جبلة توفي القاضي الأشرف أبو الفضائل يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد الشيباني، التيمي، القفطي، في جمادى الآخرة سنة (٦٢٤) ومولده في غرّة سنة (٥٤٨) بقفط، وهو والد الوزير القاضي الأكرم أبي الحسن عليّ بن يوسف، وأخيه القاضي المؤيد أبي إسحاق إبراهيم، وكان الأشرف قد خرج من قفط في سنة (٥٧٢) في الفتنة التي كانت بها بسبب الإمام الذي أقاموه.

خدم الأشرف في عدّة خدم سلطانية منها بالصعيدن ثم النظر في بلبيس ونواحيها، ثم النظر في البيت المقدس ونواحيه، وناب عن القاضي الفاضل في كتابة الإنشاء، بحضرة السلطان صلاح الدين، ثم توحّش من العادل ووزيره ابن شكر، فقدم حرّان واستوزره الملك الأشرف موسى بن العادل، ثم سأله الإذن له في الحج، فأذن له، وجهّزه أحسن جهاز، على أن يحج ويعود، فلما حصل بمكة امتنع من العود، ودخل اليمن فاستوزره أتابك سنقر في سنة (٦٠٢) ثم ترك الخدمة وانقطع بذي جبلة، ورزقه دارّ عليه إلى أن مات في الوقت المذكور، وكان أديبا فاضلا، مليح الخط، محبّا للعلم والكتب واقتنائها، ذا دين مبين وكرم وعربيّة (١).


(١) معجم البلدان ٢/ ١٠٦، ١٠٧.

<<  <   >  >>