للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكرمون - رضي الله عنهم -، ولا أحكم على أحد من المنسوبين وصف بالصوفي لا أحكم عليه بشيء من هذا المختصر، فقد أفضوا إلى ما اعتقدوا، والله لطيف بعباده.

أما الكرامات: فقد تغايرت أقوال الطوائف في أمر الكرامات: نفاها طائفة وهم والمعتزلة والجهمية، فأنكروا ما هو ثابت بالكتاب والسنة، فكان قولهم مخالفة للنص.

وأثبتها طائفة لكن بغلو، ومنهم الصوفية بالغوا في إظهار الكرامات، حتى بالسحر والشعوذة، واستمالوا بها عقول العوام، فكانت سببا للشرك والضلال، حتى شُدت الرحال من بلد إلى آخر لزيارة من زعموه وليا، مستغيثين به، في قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، فأدى ذلك إلى الشرك الصريح، ودعوة غير الله - عز وجل -، كما هو الحال في كثير من بلاد المسلمين اليوم، وأشهر دليل على هذا ما يذاع في الفضائيات من أعمال يقوم بها الرافضة من الزحف لزيارة القبور، وفي مقدمتها قبر الحسين وقبور آل البيت - رضي الله عنهم -، وغيرهم.

وطائفة نجت من الضلال بالاعتدال في عدم نفي الكرامات، وعدم الغلو فيها، فكانت وسطا بين التفريط والإفراط، وهم أهل السنة والجماعة، وذلك أنهم نظروا إلى الأولياء على الحقيقة فوجدوهم قوما اتّبعوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكانت منازلهم في التقوى والصلاح دون منازل الأنبياء، فرزقوا الكرامات التي تقصر عن المعجزات، لأن المعجزات خاصة بالرسل عليهم السلام، فصار وجود الكرامات في حق الأولياء الملتزمين بالمنهج النبوي كوجود المعجزة في حق الرسول المخبر بشيء من الغيب، وكما أن الولي لا يبلغ قدر النبي ومكانته في الفضل والثوب والدرجة، فكذلك الكرامات لا تبلغ حد المعجزات، في الاخبار بشيء من الغيب، ولا تكسب الولي عصمة على الإطلاق، ولكنها تدل على الصلاح وحسن الاعتقاد، ما لم تظهر عليها قرائن الدجل والشعوذة كما هو الحال لدى من يدعي الكرامات ومخالفته للكتاب والسنة ظاهرة كظهور الشمس، والله الهادي إلى سواء السبيل.

<<  <   >  >>