ولم يره ولا كان مسلما في حياته من التابعين ومن بعدهم، وذكر في الكتاب الثالث من لم يذكر له اسم سوى كنيته ممن روى الحديث وحمله وعد من نقلته من التابعين ومن بعدهم من الخالفين، وقد أشار الحافظ ابن عبد البر في خطبة الكتاب الثانى إلى مقصوده من تأليف هذا الكتاب فقال: ورأيت كل من ألف في رجال العلم كتابا ذكر فيه أبوابا على حسب ما حضره حفظه ولم أر فيه كتابا موعبًا لأن من قصد إلى ذكر الجرحة والعدالة لم يتضمن الأسماء والكنى، ومن اعتمد ذكر الكنى والأسماء ذكر كنى المشهورين بأسمائهم مع كنى المشهورين بكناهم وأتى بأسماء من وقف على اسمه منهم ومن لم يوقف على اسمه فخلط على الطالب واتعب الناظر المرتاد، ولم يسلم مع ذلك من التقصير لأنه عدد لا يحصى ولا له حد ولا انتهاء.
ويتبين من هذا أن الحافظ ابن عبد البر قصد في هذا الكتاب ذكر من أشتهر من العلماء بكنيته ثم لم يقتصر فيه على ذكر الأسماء والكنى ولكنه تناول أيضا ذكر الجرح والعدالة، وهذا ما يلاحظه كل مطلع على الكتابين الثانى والثالث، وأما عن طبيعة التراجم في هذين الكتابين فالملاحظ أن الحافظ ابن عبد البر قد يذكر بعض التراجم مطولة وخاصة في الكتاب الثانى فقد تستغرق الترجمة فيه لوحة كاملة أو نصف لوحة، وأحيانا أسطر وقد تستغرق سطرًا واحدًا وهذا قليل جدًا وذلك بحسب طبيعة الترجمة وما فيها من أقوال أو اختلافات، فهو يذكر الترجمة، ويذكر ما للعلماء في هذه الترجمة من أقوال فيما يتعلق بالجرح والعدالة، ويذكر أيضا أهم الحوادث البارزة في حياة صاحب هذه الترجمة وذلك لبيان منزلته، ومعرفة حاله، ثم هو يهتم كثيرًا بذكر الشيوخ والتلاميذ لصاحب هذه الترجمة فيذكر عددا من شيوخه وعددا من تلاميذه وبذلك تعرف طبقات الرواة وأزمانهم، وهو بالمقابل لا يهتم كثيرا بذكر زمن الوفاة اللهم إلا إذا كان صاحب الترجمة قد استشهد في معركة معينة أو بحادثة معينة.