الحمد لله المتصرف قبل علل التصريف المتعرف قبل آلة التعريف الذي ألف الأشياء أحسن تأليف وحمل الإنسان أمنة التكليف وشرف العلم وأهله أكمل التشريف أحمده على جميع نعمه وأفضاله، حمداً يليق بكرم وجهه وعز جلاله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ذاته، وصفاته، وأفعاله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي من على عباده بإرساله، وجعل اللغة الفصيحة العربية لسان مقاله، صلى الله عليه وعلى أصحابه وأتباعه وآله، صلاة دائمة بدوامه، كاملة بكماله، وسلم تسليماً كثيراً.
وأما بعد: فإن علم العربية في الدين بالمحل الأعلى، والمقام الأعز الأسنى، إذ هو السلم الذي فيه يرتقي إلى فهم الخطاب، وقنطرة الآداب، التي عليها المجاز إلى معرفة السنة والكتاب، على ذلك أجمع أهل سلفاً وخلفاً، وتقربوا إلى الله بطلبها زلفى، وشرطوها في صحة الإمامة العظمى فما دونها من الولايات، وعدوها من أهم فروض الكفايات، واعتنوا قديماً وحديثاً بحفظ أشعار العرب ونثرهم، وغير ذلك من خطبهم وأسجاعهم وأمرهم، ولقد كان أحدهم يطوي المفاوز في تحصيل كلمة أو تفسيرها ليفوز بفهم تصويرها وتقريرها.
ثم لما فترت في هذا الأوان همم أبناء الزمان، واعرضوا من هذا المهم العظيم الشأن، حاولت اختصار مقاصدها، والاقتصار على المهم من فوائدها، لأضرب بين أربابها بسهم مصيب، وأفوز بالدعوة إليها بحظ ونصيب، فوفقني الله وله الحمد أن شرحت القصيدة اللامية المسماة: أبنية الأفعال في علم التصريف