لا ينافي فصاحتها، كما في: حسب يحسب وأكرم يُكرم ومر وخذ وكل؛ لأن المراد بالشاذ ما جاء على خلاف القياس، وبالفصيح ما كثر استعمالهم له، وأما النادر فهو ما يقل وجوده في كلامهم، سواء خالف القياس أم وافقه، والضعيف ما في ثبوته عنهم نزاع بين علماء العربية. وقد يرشد إلى ما ذكرناه مغايرة الناظم رحمه الله في العبارة بقوله: وشَذَّ، وفشا، ومستندر، فإن الحذف لما كان في هذه الثلاثة الأفعال مخالفاً للقياس كان شاذا، ولكنه مع شذوذه أفصح من التتميم، فلهذا قال: وشذ بالحذف مر وخذ وكل، ولما كان تتميم (مر) مع حرف العطف كثيراً مستعملا. لكن الحذف أكثر منه قال: وفضا (وأْمُرْ). ولما كان تتميم كل وخذ قليل الوجود في استعمالهم، قال: ومستندر تتميم خذ وكلا.
الثانية: ما ذكره النظم رحمه الله في الفصل هو الأمر بالصيغة، وهو يختص بالمخاطب، فإن أريد أمر الغائب على الفعل المضارع لام الأمر مع بقاء حرف المضارعة، وصار حينئذ معرباً بالجزم، ولم يأت فيه شيء مما سبق في هذا الفصل من حرف المضارعة. ولا زيادة همزة الوصل ولا شذوذ في مر وخذ وكل، وذلك نحو: ليضرب وليكرم وليقم ولينطلق وليستخرج وليأخذ وليأكل.
الثالثة: الأمر بالصيغة مبني على الراجح، وهو مذهب البصريين، إلا أنه أجرى في بنائه مجرى المضارع المجزوم، ومذهب الكوفيين أنه معرب بالجزم، واستدلوا بإعطائه حكم المضارع المجزوم من حذف الحركة في التصحيح، وحذف الآخر في المعتل، وحذف النون التي هي علامة الرفع في الأمثلة الخمسة؛ كافعلا وافعلوا وافعلي، وعندهم أنَّ الجازم له لام الأمر مقدرة. ورده البصريون بأنَّ إضمار الجازم ضعيف كإضمار الجار، وبأن الأصل في الفعل البناء، والأمر لم يشبه الاسم كما أشبه المضارع فيُعرب، وإنما حذفت منه الحركة ونون الرفع؛ لأنها علامات الإعراب، وهو غير معرب.