والمعنى: ما أعطيت عبدا من مال فهو حلال له ليس لأحد أن يحرم عليه ويمنعه عن التصرف فيه تصرف الملاك في أملاكهم.
وليس لقائل أن يقول: هذا يقتضي أن لا يكون الحرام رزقا, لأن كل رزق ساقه الله إلى عبد فقد نحله وأعطاه, وكل ما نحله وأعطاه فهو حلال, فيكون كل رزق الله إياه فهو حلال, وذلك يستلزم أن يكون كل ما ليس بحلال ليس برزق.
لأنا نقول: الرزق أعم من الإعطاء, لأن الإعطاء يتضمن التمليك, ولذلك قال الفقهاء: لو قال الرجل لامرأته إن أعطيتني ألفا فأنت طالق, فأعطته بانت, ودخل الأف في ملكه, ولا كذلك الرزق.
"وإني خلقت عبادي حنفاء" أي: مستعدين لقبول الحق, والحنف عن الضلال, مبرئين عن الشرك والمعاصي, وهو في معنى قوله:"كل مولود يولد على الفطرة"
"فاجتالتهم عن دينهم" أي: جالت الشياطين بهم وساقتهم إليها, افتعال من الجولان.
"ما لم أنزل سلطانا": مفعول (يشركوا) يريد به الأصنام وسائر ما عبد من دون الله, أي: أمرتهم بالإشراك بالله بعبادة مل لم يأمر الله بعبادتهم, ولم ينصب دليلا على استحقاقه للعبادة.