"وفيه: قيل: وقد أرسل إليه؟ ".
أي: أرسل إليه للعروج؟ وقيل: معناه: أوحي إليه, وبعث نبيا؟ والأول أظهر, لأن أمر نبوته كان مشهورا في الملكوت لا يكاد يخفى على خزان السماوات وحراسها, وأوفق للاستفتاح والاستئذان, ولذلك تكرر معه, وتحت هذه الكلمة ونظائرها أسرار يتفطن لها من فتحت بصيرته, واشتعلت قريحته.
وقيل: كان سؤالهم للاستعجاب بما أنعم الله عليه, أو للاستبشار بعروجه, إذ كان من البين عندهم أن أحدا من البشر لا يترقى إلى أسباب السماوات من غير أن يأذن الله له, ويأمر ملائكته بإصعاده, وأن جبريل لا يصعد بمن لم يرسل إليه, ولا يستفتح له أبواب السماء.
"وفيه: فلما تجاوزت بكى"
أي: لما تجاوزت عن موسى بكى تأسفا على أمته, وإشفاقا عليهم, فإنهم قصروا في الطاعة, ولم يتبعوه حق الاتباع مع طول مدته, وامتداد أيام دعوته, فلم ينتفعوا بع انتفاع هذه الأمة بمحمد صلى الله عليه وسلم مع قلة عمره, وقصر زمانه.
وإلى ذلك أشار بقوله: "أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي"
"وفيه: ثم رفعت لي سدرة المنتهى": أي: قربت إلي, وجعلت بحيث أنظر إليها, وأطلع عليها, وإضافتها إلى المنتهى, لأنها بمكان