" قال عليه السلام: خذوا من الأعمال ما تطيقون , فإن الله لا يمل حتى تملوا ".
(الملال): فتور يعرض للنفس من كثرة مزاولة شيء , فيوجب الكلال في الفعل والاعراض عنه , وهو [و] أمثال ذلك على الحقيقة إنما يصدق في حق من يعتريه التغير والانكسار , فأما من تنزه عن ذلك فيستحيل تصور هذا المعنى في حقه , بل إذا أسند إليه شيء من ذلك يجب أن يؤول , فيحمل على ما هو منتهاه وغاية معناه , كإسناد الرحمة والغضب والحياء إلى الله تعالى.
فمعنى الحديث والله أعلم: اعملوا حسب ومعكم وطاقتكم , فإن الله تعالى لا يعرض عنكم إعراض الملول , ولا ينقص ثواب أعمالكم ما بقي لكم نشاط وأريحية , فإذا فترتم فاقعدوا , فإنكم إذا مللتم عن العبادة , وأتيتم بها على كلال وفتور كانت معاملة الله معكم حينئذ معاملة الملول عنكم.
والداعي إلى هذا التجوز: قصد الازدواج , وله في القرآن نظائر جمة , منها: قوله تعالى: {يخادعون الله والله خادعهم}[النساء: ١٤٢]{فيسخرون منهم سخر الله منهم}[التوبة:٧٩]{نسوا الله فأنساهم أنفسهم}