قوله: " ولا يجمع بين متفرق , ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة " الظاهر: أنه نهي للمالك عن الجمع والتفريق , قصدا إلى سقوط الزكاة أو تقليلها , كما إذا ملك أربعين شاة , فخلط بأربعين لغيره , لتعود واجبة من شاة إلى نصفها , أو كان له عشرون شاة مخلوطة بمثله , ففرق حتى لا يكون نصابا , فتتعلق به , وهو قول أكثر أهل العلم.
وقيل: [نهي] للساعي أن يفرق المواشي على المالك , ليزيد الواجب , كما إذا كان له مئة وعشرون شاة , وواجبها شاة , ففرقها المصدق , فجعلها أربعين أربعين , ليكون فيها ثلاث شياه , [أ] وأن يجمع بين متفرق لتجب فيه الزكاة أو يزيد , كما كان لرجلين أربعون شاة متفرقة , فجمعها لتجب فيها الزكاة , أو كان لكل واحد منهما مئة وعشرون , فجمع بينهما ليصير الواجب ثلاث شياه , وهو قول من لم يعتبر الخلطة , ولم يجعل لها تأثيرا كالثوري وأبي حنيفة.
وهذا التأويل حينئذ يفقر قوله: (خشية الصدقة) إلى إضمار , مثل: أن تقل الصدقة , وظاهر قوله عقيب ذلك: " وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " يعضد الوجه الأول , ومن صور التراجع أن يكون لأحد الخليطين ثلاثون بقرا , وللآخر أربعون , فأخذ الساعي تبيعا من صاحب الثلاثين , ومسنة من صاحب الأربعين , فيرجع باذل التبيع بأربعة