وعنه -عليه السلام - قال يوم فتح مكة:" إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض, فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة, وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي, ولم يحل لي إلا ساعة من نهار, فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة: لا يعضد شوكه, ولا ينفر صيده, ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها, ولا يختلى خلاه " فقال العباس: يا رسول الله! إلا الإذخر, فإنه لقينهم ولبيوتهم, قال: إلا الإذخر " وفي رواية: " لا تعضد شجرتها, ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد ".
" حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ": معناه: أن تحريمه أمر قديم, وشريعة سالفة مستمرة, ليس مما أحدثه أواختص بشرعه, ويحتمل أن يراد به التأقيت, أي: إنما خلق هذه الأرض حين خلقها محرمة.
والتوفيق بينه وبين ما أورده في الباب التالي له: عن أبي سعيد الخدري, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن إبراهيم حرم مكة, فدعلها حرما, وإني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها, أن لا يهراق فيها دم, ولا يحمل فيها سلاح لقتال, ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف " أن يقال:
إسناد التحريم إلى إبراهيم - صلوات الله عليه - من حيث إنه مبلغه