ولم أر أحدا من أهل العلم منع عنها مطلقا غير أبي حنيفة, والدليل على جوازها في الجملة: أنه صح عن الرسول - صلوات الله عليه - وشاع منه حتى تواتر أو كاد أن يتواتر أنه ساقي أهل خيبر بنخليهما على الشطر كما دل عليه الحديث.
وتأويله بأنه عليه الصلاة والسلام إنما استعملهم بذلك بدل الجزية, وأن الشطر الذي دفع إليهم كان منحة منه, ومعونة لهم على ما كلفهم به من العمل = بعيد كما ترى.
وأن (المزارعة) وهي: أن يسلم الأرض إلى زارع ليزرعه ببذر المالك, على أن يكون الريع بينهما مساهمة, وهي عندنا جائزة تبعا للمساقاة, إذا كان البياض خلال النخيل بحيث لا يمكن, أو يعسر إفرادها بالعمل كما في خيبر, لهذا الحديث, ولا يجوز إفرادها, لما روي عن ابن عمر أنه قال:" ما كنا نرى بالمزارعة بأسا, حتى سمعت رافع بن خديج يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ".
ومنع عنها مالك وأبو حنيفة مطلقا.
وذهب أكثر أهل العلم من الصحابة كعمر وعلي وابن عباس وابن مسعود وسعد بن مالك, ومن التابعين كابن المسيب والقاسم بن محمد, ومحمد بن سيرين وطاووس, وغيرهم كالزهري وعمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى وأحمد, وإسحق وأبي يوسف ومحمد بن الحسن إلى جوازها