" وعن أبيض بن حمال المأربي: أنه وفد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح الذي بمأرب, فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه فلما ولى, قال رجل: يا رسول الله! إنما أقطعت له الماء العد, قال: فرجعه منه, قال: وسأله: ماذا يحمى من الأراك؟ قال: ما لم تنله أخفاف الإبل ".
(المأرب) - بالهمز - موضع باليمن, نسب إليه أبيض لنزوله به.
ويقال: إنه أروى, وكان اسمه: أسود, فبدل به رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض, وهذا الموضع مملحة يقال لها: ملح شذا, ظنا بأن القطيعة معدن يحصل منه الملح بعمل وكد, ثم لما تبين له أنه مثل الماء العد, أي: الدائم الذي لا ينقطع, رجع فيه, ومن ذلك علم: أن إقطاع المعادن إنما يجوز إذا كانت باطنة لا ينال منها شيء إلا بتعب ومؤنة, وما كانت ظاهرة يحصل المقصود منها من غير كد وصنعة لا يجوز إقطاعها, بل الناس فيها شركاء كالكلأ ومياه الأودية, وإن الحاكم إذا حكم, ثك ظهر أن الحق في خلافه ينقص حكمه, ويرجع عنه.
والرجل الذي قال: " إنما أقطعت له الماء العد ": هو الأقرع بن حابس التيمي.
قوله: " وماذا يحمى من الأراك ": على البناء للمفعول, وإسناده إلى ما استكن فيه من الضمير العائد إلى ذا ' عود الضمير العائد من الصلة إلى موصولها, أو من الخبر إلى المبتدأ, وجوابه: ما لم تنله أخفاف الإبل, أي: ما كان بمعزل من المراعي والعمارات.