" عن جدامة بنت وهب قالت: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو يقول: لقد هممت أن أنهى عن الغيلة, فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم, فلا يضر أولادهم, ثم سألوه عن العزل, فقال عليه السلام: ذلك الوأد الخفي ".
" الغيلة " بالكسر, و (الغيل): أن تأتي الرجل امرأته وهي حامل أو مرضع, وأغالت وأغيلت المرأة, إذا حبلت وهي مرضعة, ويسمى الولد المرتضع حينئذ مغيلا, و (الغيل) بالفتح: ذلك اللبن.
وأصل الغيلة: الاغتيال, وهو أن يخدع الرجل حتى يأمن منه, فينتهز منه فرصة فيقتله.
وكان العرب يحترزون عنها, ويزعمون أنها تضر بالولد, وكان ذلك من المشهورات الذائعة عندهم, فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى عنها لذلك, فرأى أن فارس والروم يفعلون ذلك, ولا يبالون به, ثم إنه لا يعود على أولادهم بضر, فلم ينه.
وإنما جعل العزل وأدا خفيا, لأنه في إضاعة النطفة التي هيأها الله تعالى لأن تكون ولدا شبه إهلاك الولد, ودفنه حيا, لكن لا شك في أنه دونه, فلذلك جعله خفيا, واستدل به من حرم العزل, وهو ضعيف, إذ لا يلزم من حرمة الوأد الحقيقي حرمة ما يضاهيه بوجه, ولا يشاركه فيما هو علة الحرمة, وهي إزهاق الروح, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, ولكنه يدل على الكراهة.
***